للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على هذا الجواب بقوله: (قُل الرُّوحُ مِن أمرِ ربِّي) كما اقتصر مُوسى في

جواب (وَمَا رَبُّ العَالَمينَ) (١) بذكر بعض صفاته؛ على أن المفسرين

قد اختلفوا في الروح فيَ الآية؛ فعن ابن عباس: إنه جبريل، وعنه:

جندٌ من جنود الله، لهم أيدي وأرجل يأكلون الطعام، وعن الحسن:

القراَن، وعن علي: ملك له سبعون ألف وجه، لكل وجه سبعون ألف

لسان، يُسبح الله بجميع ذلك، فيخلق الله تعالى بكل تسبيحة ملكًا،

وقيل: عيسى- عليه السلام-، وعن عطية: روح الحيوان، وهو

للآدميين والملائكة والشياطين.

قوله: " فأرسلها أنى شَاءَ " أي: متى شاء. واعلم أنَّ " أنى " تجيء

بمعنى " كيف "، وبمعنى " متى "، وبمعنى الاستفهام، وبمعنى الشرط

نحو: (فَأتُوا حَرثَكُم أنى شِئتُم) (٢) وأنَى القتال؟ و (أنَّى لَك

هَذَا) (٣) وأنى تخرج أخرج. ثم إن الله تعالى أخبر في قوله: (اللهُ

يَتَوَفَّى الأنفُسَ (٤) حينَ مَوتهَا) الآية (٥) ، أنه يتوفى نفس النائم عند

المنام، ثم يُرسلها عنَد اليقظَة، ويتوفى نفس الميّت فيُمسكها عنده.

والتوفي هو مثل الاستيفاء، يُقال: توفيت العدد واستوفيته بمعنى واحد.

والحاصل في معنى الحديث: أنه- عليه السلام- يُبدي عُذره وعذر

أصحابه حين ناموا عن صلاة الصبح بقوله: " لكن أرواحنا كانت بيد الله "

يعني: في قدرته وتصرفه (٦) ، إن أراد أرسلها إلى الأجساد بعد النوم،

وإن أراد يُمسكها عنده، وإذا أرسلها يُرسلها- أيضا- على قدر ما يتعلق

به إرادته من الوقت إن أراد يُعجل بالإرسال به وإن أراد يُبطئ


(١) سورة الشعراء: (٢٣) .
(٢) سورة البقرة: (٢٢٣) .
(٣) سورة آل عمران: (٣٧) .
(٤) في الأصل: " الأنس ".
(٥) سورة الزمر: (٤٢) .
(٦) بل وصف الله نفسه بأن له يدَا على الحقيقة، قال تعالى: (بل يداه
مبسوطتان) اعتقاد أهل السُنَة والجماعة، (ليس كمثله شيء وهو السميع
البصير) وانظر: العقيدة الواسطية

<<  <  ج: ص:  >  >>