للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجرجاني: " وإذا دخل بَيته فلا يجلس حتى يركع ركعتين؛ فإن الله

عز وجل جاعل له من ركعتيه في بَيته خيرا ". وإسناده منكر؛ قال

البخاريّ: هذه الزيادة لا أصل لها، وأنكر ذلك- أيضا- أبن القطان.

ثم اعلم أن هذه سنة بإجماع المسلمين؛ إلا ما رُوِيَ عن داود وأصحابه

وجوبها/بظاهر (١) الأمر؛ وليس كذلك؛ لأن الأمر محمول على

الاستحباب والندب لقوله- عليه السلام- للذي سأله عن الصلوات:

هل علي غيرها؟ قال: " لا، إلا أن تطوع (٢) " وغير ذلك من

الأحاديث، ولو قلنا بوجوبهما لحرُم على المحدث الحدث الأصغر دخول

المسجد حتى يتوضأ؛ ولا قائل به، فإذا جاز دخول المسجد على غير

وضوء لزم منه أنه لا يجب عليه سجودهما عند دخوله، ثم إنه يصليهما

إلا في وقت النهي عند أبي حنيفة وأصحابه، وهو قول الأوزاعي،

واللَّيث، وحكي ذلك- أيضا- عن الشافعي، ومذهبه الصحيح: أنه

يصليهما في كل وقت؛ وهو قول أحمد، وإسحاق، والحسن،

ومكحول. وكذا لا يصلي عند أبي حنيفة إذا كان الإمام على المنبر؛ وهو

قول مالك، وابن سيرين، وعطاء بن أبي رباح، والنخعي، وقتادة،

والثوري. وقالت الشافعية: إن النهي إنما هو عما لا سبب لها؛ لأنه

- عليه السلام- صلى بعد العصر ركعتين قضاءَ سنة الظهر، فخص وقت

النهي، ولم يترك التحية في حال من الأحوالَ؛ بل أمر الذي دخل

المسجد يوم الجمعة وهو يخطب فجلس أن يقوم فيركع ركعتين، مع إن

الصلاة في حال الخطبة ممنوع منها إلا التحيّة. والجواب عن ذلك: أن

حديث النهي؛ وهو حديث ابن عباس الذي أخرجه الأئمة الستة في كتبهم

عنه قال: " شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندي عمر: أن رسول الله

- عليه السلام- نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وعن

الصلاة بَعد العصر حتى تغرب الشمس " خاص، وحديث: " إذا


(١) في الأصل: " بتظاهر ".
(٢) تقدم برقم (٣٧٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>