للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: " ما لم يُحدِث " بدل من قوله: " مادامَ " وهو إما من الإحداث

بمَعنى: الحدث الناقض للطهارة؛ كما فسّره في الحديث الذي يأتي بقوله:

" ما يُحدث؟ قال: يَفسو أو يَضرط "، وإما من التحديث؛ بمعنى:

الاشتغال بالحديث من غير ذكر الله عز وجل.

قوله: " أو يقومُ " بالرفع عطف على ما لم يُحدث من حيث المعنى؛

فلذلك لم يُحزم، ويجوز أن يكون مرفوعا على لغة من لا يجزم الفعل

ب " لَم "؛ كما في قول الشاعر:

لولا فَوارسُ من نُعم وأسرتهِم ... يَومَ الصُلَيفاء لم يُوفُون بالجَارِ

قوله: " اللهم اغفر له، اللهم ارحمه " بيان وتفسير لقوله " تُصَلّي على

أحدكم " والمعنى: تدعو بقولهم " اللهم اغفر له، اللهم ارحمه " وبهذا

يندفع سؤال من يقول: ما موقع الجمع بين صلاة الملائكة إذا كانت معناها

الاستغفار وبَين قولنا (١) " اللهم اغفر له "؟ وجواب آخرُ: أن الصلاة

والاستغفار وإن كانا يَرجعان لشيء واحد، فقد يكون أحدهما أخص وأقعد

بالمعنى وأبلغ، فتدعو الملائكة وتسأل الله ذلك المعنى باللفظين مَعا.

وجواب آخرُ: أن سؤالها بلفظ الصلاة إنما هو ليقع الثواب من جنس

العمل، فتكون صلاة منه بصلاة من الملائكة عليه، ثم لما حصل التجانس

بين العمل وجزائه، دعوا له بعد ذلك بلفظ الاستغفار والرحمة.

والحديث: أخرجه البخاري، ومسلم من حديث أبي صالح، عن (٢)

أبي هريرة أتم منه. وأخرجه النسائي- أيضا- وعند الحاكم على شرط

مسلم من حديث عقبة بن عامر مرفوعا: " والقاعد يرعى الصلاة

كالقانت، ويكتب من المصلين من حين يخرج من بَيته حتى يرجع ". وفي

" صحيح ابن حبان ": " ما توطن رجل مسلم المساجد للصلاة والذكر إلا

تبشبش الله إليه كما يَتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم ".

قال السَفاقسي: الحدث في المسجد خطيئة يُحرمُ به المحدثُ استغفار


(١) كذا، والجاد: " قولهم ".
(٢) في الأصل: " من ".

<<  <  ج: ص:  >  >>