للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأخلاق المسلمين ويتعود بإقامة العبادات، وقال الخطابي: وهذا يدل على

إغلاظ العقوبة له إذا تركها متعمداً بعد البلوغ. وكان بعض أصحاب

الشافعي يحتج به في وجوب قتله إذا تركها متعمدا بعد البلوغ، ويَقول:

إذا استحق الصبي الضرب وهو غير بالغ، فقد عقل أنه بعد البلوغ يَستحق

من العقوبة ما هو أشد من الضرب، وليس بعد الضرب شيء مما قاله

العلماء أشد من القتل.

قلت: هذا استدلال ضعيف؛ لأنا / لا نسلم أن الضرب كان عليه

واجبًا قبل البلوغ حتى يستحق ما هو أشد من الضَرب، وهو القتل بعد

البلوغ، ولا نسلم- أيضا- أن القتل واجبٌ بالذنب؛ للحديث المشهور:

" أمرت أن أقاتل الناسَ حتى يقولوا: لا إله إلا الله " الحديث- وأيضا-

الضرب في نفسه يتفاوت، فيُضربُ بعد البلوغ ضربا مُبرَحا حتى يخرج

منه الدم، ويُحبس- كما هو مذهب أبي حنيفة- فهذا أشدُ من الضرب

المجرد، فكيف يَقولُ هذا القائل: " وليس بَعد الضرب شيء أشد من

القتل "؟! وأيضا الضرب قبل البلوغ بطريق التأدب وبعده بطريق الزجر

والتعزير، فكان هذا أشد من الضرب الأول، فليت شعري الذي يستدل

بهذا الدليل الواهي كيف لا يُصحح إسلام الصَبيّ بهذا الحديث؟ لأنه إذا

كان يؤمر بالصلاة وعمره سبع سين، ويُضرب على تركها وعمره عشر

سنين "، كيف لا يصح إسلامُه الذي هو أصلُ سائر العبادات؟ ولا تُقبل

الصلاة ولا غيرها إلا به؟ على أن الصلاة يحتاج فيها الصبي إلى تعقم

أمور كثيرة من الاستنجاء والطهارة، ومعرفة الوقت وغير ذلك من شرائط

الصلاة وأركانها، بخلاف الإسلام؛ فإنه مُجرد قولِ، فافهم.

٤٧٧- ص- نا مؤمل بن هشام: نا إسماعيل، عن سَوار أبي حمزة- قال

أبو داود: وهو سوّار بن داود أبو حمزة المزني الصيرفي-، عن عمرو بن

شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مُرُوا أولادَكُم

بالصلاة وهم أبناءُ سبع سِنين، واضرِبُوهُم عليها وهم أبناءُ عَشرِ سِنين،

وفَرقُوا بَينهم في المضَاجِع " (١) .


(١) تفرد به أبو داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>