للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: " الله كبر " إلى آخره مَقولُ القَول؛ ومعنى " الله أكبر " أي:

أكبر من كل شيء، وقد عرف أن أفعل التفضيل لا يستعمل إلا بأحد

الأشياء الثلاثة: الألف واللام، والإضافة، و " مِن "؛ وقد يستعمل

مجردا عنها عند قيام القرينة كقوله تعالى: (يَعلمُ السِّرَّ وأخفَى) (١)

أي: أخفى من السِّرّ، ومنه " الله أكبر "، وقد ذكرنا مرةً أن " أن " في

" أشهدُ أن " مخففة من مثقلة، وأن " إلا " بمعنى " غير ".

قوله: " حيّ على الصلاة " أي: أسرِعوا إليها وهلموا وأقبلوا وتعالوا،

وهو اسم لفعل الأمر، وفتحت الياء لسكونها وسكون ما قبلها؛ كما قيل

ليتَ، ولعلَّ، والعربُ تقول: حيَّ على الثريد. " والفلاح ": النجاة.

قوله: " ثم استأخر عني " استأخر مثل تأخر، أي: تأخر عني؛ وليس

السين فيه للطلب؛ وفيه دلالة على أن الإقامة تكون في غير موقف الأذان

مستحبةً.

قوله: " قد قامت الصلاة " أي: قد قربت وحانت؛ لأن " قد " فيها

للتقريب.

قوله: " إنها " أي: الرؤية التي رأيتها " لرؤيا حق " يعني: من الله

تعالى؛ والرُّؤيا على وزن فُعلى بلا تنوين؛ يقال: رَأى في منامه رؤيا؛

وجمع الرؤيا: رُؤًى بالتنوين مثل (٢) رُعًى؛ وإنما قال: " إن شاء الله "

للتبرك؛ كقوله تعالى: (لَتَدخُلُنَّ المسجِدَ الحرامَ إِن شَاءَ الله) (٣) .

/قوله: " فإنه أندى صوتَا منك " أي: أرفع وأعلى، وقيل: أحسن

وأَعذب، وفيل: أبعد، وهو أفعل من النَدَى- بفتح النون وبالقَصر-

وهو بمعنى الغاية، مثل المَدى، والنَدَى- أيضا- بعد ذهاب الصوت.

وفيه دليل على أن من كان أرفع صوتا كان أولى بالأذان؛ لأنه إعلام،

فكل من كان الإعلام بصوته أوقع كان به أحق وأجدر.


(١) سورة طه: (٧) .
(٢) في الأصل: " مثال ".
(٣) سورة الفتح: (٢٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>