للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحوال الصيام: فإن رسول الله- عليه السلام- قدم المدينة فجعل يصومُ

من كل شهر ثلاثة أيام، وصام عاشوراء، ثم إن الله عز وجل فرض عليه

الصيام، فأنزل الله تعالى (يَا أيُّهَا الَذينَ آمَنُوا كُتبَ عَلَيكُمُ الصَيامُ كَما

كُتبَ عَلَى الَذينَ من قَبلِكُم) إلى قولهَ (وَعَلى الَّذَينَ يُطيقُونهُ فديَةٌ طَعَامُ

مِسكِينٍ) (١) وكَان مَن شَاء صام ومن شاء أطعمَ مسكينَا، فأَجزأ ذلك

عنه، ثم إن الله عز وجل أنزل الآية الأخرى (شَهرُ رَمَضانَ (٢) الَّذي

أنزِلَ فيه القُرانُ) إلى قوله (فَمَن شَهِدَ منكُمُ الشَّهرَ فَليَصُمهُ) فأثبت الله

عز وجَلَ صيامَه على المقيم الصحيح، وَرخصَ فيه للمريض والمسافر،

وثبت الإطعامُ للكبير الذي لا يَستطيع الصيام. فهذان حَولان. قال:

وكانوا يأكلون ويَشربون ويأتون النساء ما لم يناموا، فإذا ناموا امتنعوا، ثم

إن رجلا من الأنصار يُقال له: صرمة كان يعملُ صائمًا حتى أمسى، فجاء

إلى أهله، فصلى العشاء ثم نام، فلم يأكل ولم يشرب حتى أصبح

صائمًا، فراَه رسولُ الله وقد جهَد جَهدًا شديدًا، فقال: " مالي أراك قد

جهدت جهدا شديدًا؟ " قال: يا رسول الله! إني عمِلتُ أمسِ فجئتُ

حين جئت فألقيتُ نفسي فنمتُ، فأصبحتُ حين أصبحتُ صائما قال:

وكان عُمر- رضي الله عنه- قد أصاب من النساء بعدما نام فأتى النبي

- عليه السلام- فذكر ذلك له فأنزل الله عز وجل (أحلَّ لَكُم لَيلَةَ الصَيام

الرفَثُ) إلى قوله (إِلَى اللَّيلِ) . وهذا من تتمة الَحديث الذي ذكرناه

عن قريب.

ص- قال: وحدثنا بعضُ أصحابنَا قال: وكان الرجل إذا أفطر فنام قبل

أن يأكل لم يأكل حتى يُصبح قال: فَجاء عُمر فأرَادَ امرأتَه فقالت: إني قد

نمتُ، فظَنَّ أنها تعتل فأتاها، فجاء رجل من الأنصار فأراد طعامًا فقالوا:

حتى نُسخن لك شيئا فنامَ فلما أصبحوا نزلت (٣) هذه الآية فيها (احِلَّ لَكُم

لَيلةَ الصمام الرَفَثُ إِلَى نِسَائِكُم) (٤) .


(١) سورة البقرة: (١٨٣، ١٨٤) .
(٢) مكررة في الأصل.
(٣) في سنن أبي داود: " أنزلت ".
(٤) سورة البقرة: (١٨٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>