للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص- قال: الحال الثالث: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدمَ المدينةَ فصلَّى- يعنِيِ:

نحو بَيت المقدس- ثلاثةَ عَشَرَ شَهرًا، فانزلَ اللهُ تَعالى هذه الآية (قَد نرى

تَقَلُّبَ وَجهِكَ فيَ السَّمَاء فَلنُوَلينَّكَ قبلَةً تَرضَاهَا فَولِّ وَجهَكَ شَطر المَسجد

الحَرامِ وحَيثُ مًا كُنتُم فَولوا وُجُوهَكم شَطرَهُ) (١) فوجّهه الله عز وجلّ إلَىَ

الكعبة. وتَمّ حديثُه.

ش- أي: قال ابن أبي ليلى: الحال الثالث من الأحوال الثلاث التي

ذكرها في قوله: " أُحيلَت الصلاة ثلاثة أحول " الحال الأوّل: قضية

عبد الله بن زيد في روياَ الأذان، والحال الثاني: قضيّة معاذ- رضي الله

عنه- في الصلاة، والثالث: هذا؛ وهو قضيّة تحويل القبلة؛ وذلك أنه

- عليه السلام- لما قدم المدينة أُمر أن يصلي إلى صخرة بَيت المقدس تألفًا

لليهود ستة عشر شهرا، وقيل: سبعة عشر، ثم حُول إلى الكعبة؛ لأنه

كان يعجبه أن تكون قبلته إلى البيت. وعن ابن عباس: كانت قبلته بمكة

بيت المقدس إلا أنه كان يجعل الكعبة بَينه وبَينه، وكان تحويل القبلة قبل

غزوة بدر. قال بعضهم: كان ذلك في رجب سنة ثنتين. وبه قال: قتادة،

وزيد بن أسلم، وهو رواية عن محمد بن إسحاق. وقيل: في شعبان

منها. وقال ابن إسحاق بعد غزوة عبد الله بن جحش، ويقال: في

شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا من مقدم رسول الله، وحكاه ابنُ

جرير عن ابن عباسٍ، وابن مسعود، وناسٍ من الصحابة، وهو قول

الجمهور. وحُكِيَ عن الواقديّ أنها حُوّلت يوم الثلاثاء النصف من

شعبان. وقال بعضهم: نزل التحويل وقت الظهر. وقال بعضهم: كان

بين الصلاتين.

قوله (قَد نَرَى) معناه: ربّما نرى، ومَعناه: كثرة الروية،

والحاصل: أن " قد " للتقليل؛ ولكنه استعير هاهنا للتكثير لمجانسة بين

الضدين، كما أن التقليل قد يُستعار للتكثير.


(١) سورة البقرة: (١٤٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>