محمد ابن يحيى بن بطوطة، ولقيت بها الفقيه القاضي الاديب أبا الحجاج يوسف المنتشاقري «٢٣» ، وأضافني بمنزله، ولقيت بها أيضا خطيبها الصالح الحاج الفاضل أبا إسحاق ابراهيم المعروف بالشندرخ المتوفّى بعد ذلك بمدينة سلا من بلاد المغرب، ولقيت بها جماعة من الصالحين منهم عبد الله الصفار «٢٤» وسواه.
وأقمت بها خمسة أيام، ثم سافرت منها إلى مدينة مربلة «٢٥» والطريق بينهما صعب شديد الوعورة، ومربلة بليدة حسنة خصبة، ووجدت بها جماعة من الفرسان متوجهين إلى مالقة، فأردت التوجه في صحبتهم، ثم إن الله تعالى عصمني، بفضله، فتوجهوا قبلي فأسروا في الطريق، كما سنذكره، وخرجت في إثرهم فلما جاوزت حوز مربلة، ودخلت في حوز سهيل «٢٦» مررت بفرس ميت في بعض الخنادق، ثم مررت بقفة حوت مطروحة بالأرض، فرابني ذلك! وكان أمامي برج الناظور، فقلت في نفسي: لو ظهر هاهنا عدوّ لأنذر به صاحب البرج، ثم تقدمت إلى دار هنالك فوجدت عليها «٢٧» فرسا مقتولا، فبينما أنا هنالك سمعت الصياح من خلفي، كنت قد تقدمت أصحابي فعدتّ إليهم فوجدت معهم قائد حصن سهيل، فأعلمني أن أربعة أجفان للعدو ظهرت هنالك ونزل بعض عمارتها إلى البر، ولم يكن الناظور بالبرج، فمر بهم الفرسان الخارجون من مربلة، وكانوا اثنى عشر، فقتل النصارى أحدهم وفر واحد وأسر العشرة، وقتل معهم رجل حوّلت، وهو الذي وجدت قفته مطروحة بالأرض، وأشار عليّ ذلك القائد بالمبيت معه في موضعه ليوصّلني منه إلى مالقة، فبتّ عنده بحصن الرابطة المنسوبة إلى سهيل، والأجفان المذكورة مرساة عليه، وركب معي بالغد فوصلنا إلى مدينة مالقة «٢٨» ، إحدى قواعد الاندلس وبلادها الحسان، جامعة بين مرافق البر والبحر،