وكتب أيضا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على لسان مخدومه السلطان الغني بالله محمد ابن السلطان أبي الحجاج- رحم الله تعالى الجميع- ما صورته (الإحاطة ٤، ٥٣٦)
دعاك بأقصى المغربين غريب ... وأنت، على بعد المزار، قريب
مدلّ بأسباب الرجاء وطرفه ... غضيض على حكم الحياء مريب
يكلف قرص البدر حمل تحية ... إذا ما هوى والشمس حين تغيب
لترجع من تلك المعالم غدوة ... وقد ذاع من ردّ التحية طيب
ويستودع الريح الشمال شمائلا ... من الحبّ لم يعلم بهن رقيب
ويطيب في جيب الجيوب جوابها ... إذا ما أطلّت والصباح جنيب
ويستفهم الكفّ الخضيب ودمعه ... غراما بحنّاء النجيع خضيب
ويتبع آثار المطيّ مشيّعا ... وقد زمزم الحادي وحنّ نجيب
إذا أثر الأخفاف لاحت محاربا ... يخرّ عليها راكعا وينيب
ويلقي ركاب الحجّ وهي قوافل ... طلاح وقد لبّى النداء لبيب
فلا قول إلا أنّه وتوجّع ... ولا حول إلا زفرة ونحيب
غليل ولكن من قبولك منهل ... عليل ولكن من رضاك طبيب
ألا ليت شعري والأمانيّ ضلّة ... وقد تخطىء الآمال ثمّ تصيب
أينجد نجد بعد شحط مزاره ... ويكثب بعد البعد منه كثيب
وتقضى ديوني بعد ما مطل المدى ... وينفذ بيعي والمبيع معيب
وهل أقتضي دهري فيسمح طائعا ... وأدعو بحظي مسمعا فيجيب
ويا ليت شعري هل لحومي مورد ... لديك؟ وهل لي في رضاك نصيب؟
ولكنّك المولى الجواد وجاره ... على أيّ حال كان ليس يخيب
وكيف يضيق الذّرع يوما بقاصد ... وذاك الجناب المستجار رحيب
وما هاجني إلا تألّق بارق ... يلوح بفود الليل منه مشيب
ذكرت به ركب الحجاز وجيزة ... أهاب بها نحو الحبيب مهيب
فبتّ وجفني من لآليء دمعه ... غنيّ وصبري للشجون سليب
ترنحني الذكرى ويهفو بي الجوى ... كما مال غضن في الرياض رطيب
وأحضر تعليلا لشوقي بالمنى ... ويطرق وجد غالب فأغيب
مرامي، لو أعطي الأمانيّ، زورة ... يبثّ غرام عندها ووجيب
فقول حبيب إذ يقول تشوّقا ... عسى وظن يدنو إليّ حبيب