ثم رحلنا ونزلنا الموضع المعروف بالأجفر «٢٤٩» ويشتهر باسم العاشقين: جميل وبثينة «٢٥٠» ، ثم رحلنا ونزلنا بالبيداء ثم أسرينا ونزلنا زرود «٢٥١» ، وهي بسيط من الأرض فيه رمال منهالة، وبه دور صغار قد أداروها شبه الحصن، وهنالك آبار ماء ليست بالعذبة، ثم رحلنا ونزلنا الثعلبية «٢٥٢» ، ولها حصن خرب بازائه مصنع هائل ينزل إليه في درج، وبه من ماء المطر ما يعم الركب، ويجتمع من العرب بهذا الموضع جمع عظيم فيبيعون الجمال والغنم والسمن واللبن، ومن هذا الموضع إلى الكوفة ثلاث مراحل «٢٥٣» ، ثم رحلنا فنزلنا ببركة المرجوم، وهو مشهد على الطريق عليه كوم عظيم من حجارة وكل من مرّ به رجمه، ويذكر أن هذا المرجوم كان رافضيا فسافر مع الركب يريد الحج فوقعت بينه وبين أهل السّنّة من الأتراك مشاجرة فسب بعض الصحابة فقتلوه بالحجارة، وبهذا الموضع بيوت كثيرة للعرب، ويقصدون الركب بالسمن واللبن وسوى ذلك، وبه مصنع «٢٥٤» كبير يعم جميع الركب مما بنته زبيدة، رحمة الله عليها، وكل مصنع أو بركة أو بئر بهذه الطريق التي بين مكة وبغداد فهي من كريم آثارها جزاها الله خيرا، ووفّى لها أجرها ... ولولا عنايتها بهذه الطريق ما سلكها أحد.