ونزلنا بخارج غزنة في قرية هنالك على نهر ماء تحت قلعتها وأكرمنا أميرها مرذك أغا «١٥٠» ، ومرذك بفتح الميم وسكون الراء وفتح الذال المعجم ومعناه الصغير، وأغا بفتح الهمزة والغين المعجم ومعناه الكبير الأصل، ثم سافرنا «١٥١» إلى كابل وكانت فيما سلف مدينة عظيمة «١٥٢» ، وبها الآن قرية يسكنها طائفة من الأعاجم يقال لهم الأفغان، ولهم جبال وشعاب، وشوكة قوية، وأكثرهم قطّاع الطريق، وجبلهم الكبير يسمى كوه سليمان «١٥٣» ، ويذكر أن نبي الله سليمان عليه السلام صعد ذلك الجبل، فنظر إلى أرض الهند وهي مظلمة فرجع ولم يدخلها فسمي الجبل به، وفيه يسكن ملك الأفغان.
وبكابل زاوية الشيخ إسماعيل الأفغاني «١٥٤» تلميذ الشيخ عبّاس من كبار الأولياء، ومنها رحلنا إلى كرماش «١٥٥» ، وهي حصين بين جبلين تقطع به الأفغان، وكنا حين جوازنا عليه، نقاتلهم وهم بسفح الجبل ونرميهم بالنّشاب فيفرون، وكانت رفقتنا مخفّة، ومعهم نحو أربعة آلاف فرس، وكانت لي جمال انقطعت عن القافلة لأجلها، ومعي جماعة بعضهم من الأفغان، وطرحنا بعض الزاد، وتركنا أحمال الجمال التي أعيت بالطريق، وعادت إليها خيلنا بالغد فاحتملتها.