للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالتزم - صلى الله عليه وسلم - تأديب ربه إياه حتى في الواجب.

وقيل: هذا على التبري والتفويض وإن كان في واجب، كقوله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ} [الفتح: ٢٧]. وقيل: الاستثناء في الموافاة على الإيمان, والمراد من معه من المؤمنين.

وقوله: "لَعَلَّهُ وجَدَ عَلَيَّ أَنْ أَبْطَأْتُ عَلَيْهِ" أي: من أجل أن أبطأت عليه، وقد روي: "أنِّي أَبْطَأْتُ عَلَيْهِ" (١) بالنون والضمير بعدها، وقد تقدم.

وفي حديث ابن عمر: "وأَنَّ الأمْرَ أُنُفٌ" (٢) بضم الهمزة، من الكلأ (٣)، وهو الوافي الذي لم يُرْعَ منه، أي: مستأنف لم يسبق به سابق قدر ولا علم من الله عَزَّ وَجَلَّ، وهو مذهب غلاة القدرية وبعض الرافضة، وكذبوا، يقولونه على العموم، وبعضهم يخص البشر فحسب، وعليه أكثرهم الآن، وأَنْفُ كل شيء: طرفه ومبتدؤه (٤)، بالفتح، ومنه الجارحة.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "آنِفًا" (٥) بالمد والقصر قيدناه في الحديث، وقرأناه في القرآن، أي: قريبًا أو الساعة. وقيل: في أول وقت كنا فيه. وكله من الاستئناف والقرب، ومثله: "أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ" (٦).


(١) البخاري (١٢١٧) عن جابر بن عبد الله، وفي هامش اليونينية ٢/ ٦٦ أنه وقع للكشميهني عن أبي ذر الهروي: "أَنْ أَبْطَأْتُ".
(٢) مسلم (٨) عن ابن عمر.
(٣) قال الزمخشري في "الفائق" ٣/ ٢١٨: أُنُف: أي مستأنف لم يَسْبق به قَدر، من الكلأ الأُنف وهو الوَافِي الذي لم يُرْعَ منه.
(٤) في (د، أ): (ومنتهاه).
(٥) البخاري (٣٣٢٩)، مسلم (٢٣٥٩) عن أنس بن مالك، ووردت هذِه اللفظة غي غير موضع من "الموطأ" والصحيحين.
(٦) مسلم (٤٠٠) عن أنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>