وبعد عرض هذِه الأدلة والاستشهاد والاستدلال لها، أجد أنه يمتنع القطع أو الجزم بما جنحنا إليه وملنا، من نفي نسبة الكتاب لابن قرقول، بل نتوقف في ذلك ونكتفي بأنه مجرد ظن، وذلك لأمور منها:
١ - أن جل من ترجم لابن قرقول نسب له "مطالع الأنوار"، وكذا أصحاب كتب الفهارس، على اختلاف في ذكر علاقته بكتاب "المشارق"، وسيأتي -إن شاء الله ذكر هذا بالتفصيل.
٢ - تواتر أهل العلم وشرَّاح الحديث، وأصحاب كتب الغريب، والمتكلمين في اختلاف نسخ وروايات "الموطأ" وصحيحي البخاري ومسلم، تواترهم وكثرة نقلهم عن كتاب "المطالع" هذا، بقولهم: قال ابن قرقول، أو: قال ابن قرقول في "المطالع"، وما أشبه ذلك.
فنقل النووي في "شرح مسلم" في ثمانين موضعًا لكن ليس في واحد منها التصريح باسمه، إنما يقول: قال صاحب "المطالع"، أو: في "المطالع"، فلم ينسبه قط لابن قرقول، وهذا أيضًا من دواعي الشك عندي في نسبة الكتاب، فينضاف هذا إلى ما ذكرت من أدلة آنفًا، مع العلم بأن العلامة النووي - قدس الله روحه - من أقرب، إن لم يكن أقرب - الناس عصرًا بابن قرقول ممن نقلوا عنه؛ فابن قرقول توفي سنة تسع وستين وخمسمائة، والنووي سنة ست وسبعين وستمائة، مع جلالة قدره ومكانته، فلماذا لم يصرح في نسبة الكتاب له؟!
وكذا نقل عنه في "تهذيب الأسماء واللغات" فيما يزيد عن خمس وستين موضعًا، أحيانًا بقوله: قال صاحب "المطالع"، أو: قال صاحب "مطالع الأنوار"، أيضًا دون ذكر اسمه أو التصريح به أو بنسبته إليه، أستثني من