بعد عرض ما سبق انتقاؤه من مناقشات الحفاظ لابن القطان يتضح أن ابن القطان -كما قالوا- شديد الذكاء والفطنة، دءوبا في البحث والمناظرة، إلا أنه -بجرأته في الاستقلال بالنقد- كثيرُ المخالفة لقواعد أهل الفن، وما اشتهر واستقر من أصولهم في ذلك، مما دفع غير واحد من الحفاظ بعده إلى الإقذاع في الرد عليه، وكشف شذوذه وحيدته عن المنهج السديد.
أما عبد الحق الإشبيلي، فقد كان -على الرغم مما أُخذ عليه- أقربَ إلى منابع هذا الفن من ابن القطان، وكان ألزمَ لكلام أهل النقد في تحقيقاتهم وتحريراتهم، وكان أكثر ما أخذ عليه إنما هو في اجتهاده في تطبيق قواعدهم، لا في مخالفتهم فيها كابن القطان.
ولا شك أن اللصوق بأهل الفن في أصولهم هو أحرى بالنجاة في هذا الباب، والله تعالى الموفق إلى وجه الصواب.