أهميةُ الضبطِ بالكتابة، وعنايةُ المحدثين بأصلِ السماعِ، والمطالبةُ به إذا حَدَثتْ رِيبةٌ، وهل يُغمزُ الراوي حينيذٍ إذا لم يُبْرِزْهُ؟ وهل يُعذر أحيانا إذا لم يبرز بروايته أصلا؟
• قال الشيخ المعلمي في ترجمة: أحمد بن محمد بن يوسف بن دوست أبي عبد الله العلاف، رقم (٣٧) من "التنكيل":
"اعلم أن المتقدمين كانوا يعتمدون على الحفظ، فكان النقادُ يعتمدون في النقد عدالةَ الراوي واستقامةَ حديثه، فمن ظهرت عدالتُه وكان حديثه مستقيما وثَّقُوه.
ثم صاروا يعتمدون الكتابةَ عند السماع، فكان النقادُ إذا استنكروا شيئا من حديث الراوي طالبوهُ بالأصل.
ثم بالغوا في الاعتماد على الكتابة وتقييد السماع، فشَدَّدَ النقادُ، فكان أكثرُهم لا يسمعون من الشيخ حتى يُشاهدوا أصلَهُ القديم الموثوقَ به، المقيدَ سماعُه فيه، فإذا لم يكن للشيخِ أصلٌ لم يعتمدوا عليه، وربما صرح بعضُهم بتضعيفه، فإذا ادَّعَى السماعَ ممن يستبعدون سماعَه منه كان الأمرُ أَشَدَّ، ولا ريبَ أن في هذه الحال الثالثة احتياطا بالغا.
لكن إذا عُرِفَتْ عدالةُ الرجل، وضبطُه، وصدقُه في كلامه، وادَّعى سماعا محتملا ممكنا، ولم يُبرزْ به أصلا، واعتذر بعذرٍ محتملٍ قريبٍ، ولم يأت بما يُنكَر، فبأي حُجَّةٍ يُرَدُّ خبره؟ ". اهـ.
• وفي ترجمة: محمد بن أحمد بن الحسن بن القاسم بن الغطريف أبي أحمد الجرجاني الغطريفي الحافظ، رقم (١٨٦) من "التنكيل":
قال الكوثري: ... أنكروا عليه حديثه في إهداء الرسول -صلى الله عليه وسلم- جملا لأبي جهل، وكان يزعم أن فلانا وفلانا أفاداه من غير أن يخرج أصله ...