وذكر ابن حبان أيضًا هذا الاختصار عقب حديث شعيب (١١٣٥)، لكنه حمل النسخ على أنه خاص بما مست النار خلا لحم الجزور فقط، وأن ما أكله -صلى الله عليه وسلم- في هذه الواقعة كان كتف شاة وليس بجزور.
والمقصود هنا قد شرحه البيهقي في "سننه الكبرى"(١/ ١٥٦) فذكر ما رواه الجماعة عن ابن المنكدر في قصة أكله -صلى الله عليه وسلم- ووضوءه قبل الصلاة، ثم رجوعه من الصلاة وأكله ما فضل من طعامه، ثم صلى ولم يتوضأ.
قال البيهقي: يرون -يعني من علَّل حديث شعيب- أن آخر الأمرين، أريد به: في هذه القصة. اهـ
فاختصار شعيب بن أبي حمزة للحديث حوَّله من واقعة حالٍ وحادثة عينٍ إلى حكم عام دَلَّ على نَسخِ حكمٍ سابق، وليس الأمر كذلك.
قال أبو أنس:
فيما أوردتُه هاهنا إشارةٌ لما قصدتُّ إلى بيانه من تَسَبُّبِ الرواية بالمعنى أو الاختصار أحيانا من الخطأ والوهم في المعاني والأحكام، وترى أمثلةً عديدةً مع الشرح والتوضيح بشيء من التوسع في كتابي:"ثمرات النخيل في شرح أسباب التعليل"، قد وضعتُ فيه خلاصةَ ما وقفتُ عليه من الأسباب التي لا يَسَعُ طالبُ هذا العلم الجهلَ بها لفهم الكلام الخفي المجمل لأئمة النقد على الأحاديث.
[٦ - التباس أحاديث شيخين أو أكثر على الراوي، فيحدث بها على التوهم]
• قال الشيخ المعلمي في رواية محمد بن زنبور، عن الحارث بن عمير في ترجمة الأخير من "التنكيل"(٦٨):
"لو كان لابُدَّ من جرح أحد الرجلين لكان ابن زنبور أحق بالجرح؛ لأن عدالة الحارث أثبت جدًّا وأقدم، ولكن التحقيق ما اقتضاه صنيع النسائي من توثيق الرجلين،