"قد كان يحيى بن معين ينتقد على الرواة ما يراهم تفردوا به، وربما شَدَّد".
• وقال في "التنكيل" أيضًا (١/ ٦٨):
"ربما يجرح أحدهم الراوي لحديثٍ واحدٍ استنكره وقد يكون له عذر.
وَرَدَ ابنُ معين مصرَ، فدخل على عبد الله بن الحكم فسمعه يقول: حدثني فلان وفلان وفلان. وعَدَّ جماعةً روى عنهم قصة، فقال ابنُ معين: حدَّثك بعضُ هؤلاء بجميعه وبعضهم ببعضه؟ فقال: لا، حدثني جميعُهم بجميعه، فراجعه فأصَرَّ، فقام يحيى وقال للناس: يكذب.
ويظهر لي أن عبد الله إنما أراد أنَّ كُلا منهم حدَّثه ببعض القصة، فجمع ألفاظهم، وهي قصة في شأن عمر بن عبد العزيز ليست بحديث، فظن يحيى أن مراده أن كلا منهم حدَّثه بالقصة بتمامها على وجهها، فكذَّبه في ذلك، وقد أساء الساجي إذ اقتصر في ترجمة عبد الله على قوله: كذبه ابن معين.
وبلغ ابنَ معين أن أحمد بن الأزهر النيسابوري يحدِّث عن عبد الرزاق بحديثٍ استنكره يحيى فقال: مَنْ هذا الكذاب النيسابوري الذي يحدث عن عبد الرزاق بهذا الحديث؟ وكان أحمد بن الأزهر حاضرًا فقام فقال: هو ذا أنا، فتبسم يحيى وقال: أما إنك لست بكذاب ... ". اهـ.