"ينبغي أن يُبحث عن معرفة الجارح أو المعدل بمن جرحه أو عدله، فإن أئمة الحديث لا يقتصرون على الكلام فيمن طالت مجالستهم له وتمكنت معرفتهم به، بل قد يتكلم أحدهم فيمن لقيه مرة واحدة وسمع منه مجلسًا واحدًا، أو حديثًا واحدًا، وفيمن عاصره ولم يلقه ولكنه بلغه شيء من حديثه، وفيمن كان قبله بمدة قد تبلغ مئات السنين إذا بلغه شيء من حديثه، ومنهم من يجاوز ذلك.
فابن حبان قد يذكر في "الثقات" من يجد البخاري سماه في "تاريخه" من القدماء، وإن لم يَعرف ما روى وعمَّن روى ومَن روى عنه، ولكن ابن حبان يشدد وربما تعنَّت فيمن وجد في روايته ما استنكره وإن كان الرجل معروفًا مكثرًا، والعجلي قريبٌ منه في توثيق المجاهيل من القدماء، وكذلك ابن سعد وابن معين والنسائي وآخرون غيرهم يوثقون مَنْ كان من التابعين أو أتباعهم إذا وجدوا روايةَ أحدِهم مستقيمة، بأن يكون له فيما يروي متابع أو شاهد، وإن لم يرو عنه إلا واحد ولم يبلغهم عنه إلا حديثٌ واحد.
فمِمَّن وثقه ابن معين من هذا الضرب:
الأسقع بن الأسلع (١).
(١) ذكره الذهبي في "الميزان" (٨٢٢) وقال: ما علمت روى عنه سوى سويد بن حجير الباهلي، وثقه مع هذا يحيى بن معين، فلما كُلُّ من لا يُعرف ليس بحجة، لكن هذا الأصل".