في رفع الإشكال عن كلمات في ذم الحديث وطلبته خرجت من أصحابها دون قصد ظاهرها
قال الثوري:"لو كان الحديث خيرًا لذهب كما ذهب الخير".
• قال المعلمي في "الأنوار": (ص ٢٨٧ - ٢٨٩):
أقول: لم يقصد نفي الخير عن الحديثِ نفسِه، كيف والقرآنُ خيرٌ كُلُّهُ ولم يذهب، ولا عن طلب الحديث جملة. فإن المتواتر المعلوم قطعا عن الثوري خلاف ذلك.
وإنا قصد أن كثيرًا من الناس يطلبون الحديث لغير وجه الله، وذلك أنه رأى أن الرغبة في الخير المحض لم تزل تَقِلّ، كانت في الصحابة أكثر منها في التابعين، وفي كبار التابعين أكثر منها في صغارهم، وَهَلُمَّ جَرَّا، وفي جانب ذلك رأى رغبة الناس في طلب الحديث لم تنقص، فرأى أنها ليست خيرا على الإطلاق، يعني أن كثيرا ممن يطلب الحديث يطلبه لِيُذْكَر ويشتهر ويقصده الناس ويجتمعوا حوله ويعظموه.
وأقول: إن العليم الخبير أحكم الحاكمين كما شرع الجهاد في سبيله لإظهار دينه، ومع ذلك يسَّر ما يرغب فيه من جهة الدنيا، فكذلك شرع حفظ السنة وتبليغها، ومع ذلك يسَّر ما يرغب في ذلك من جهة الدنيا؛ لأنه كما يحصل بالجهاد عن الإسلام -وإن قلَّ- ثوابُ بعض المجاهدين، فكذلك يحصل بطلب الحديث وحفظه حفظُ الدين ونشره -وإن قلَّ- أجرُ بعض الطالبين.
وذكر أبو رية (ص ٣٣٠) كلماتٍ لبعض المحدثين في ذم أهل الحديث -يعنون طلابه، التقطها من كتاب (العلم) لابن عبد البر، وقد قال ابن عبد البر هناك (٢/ ١٢٥): "هذا كلام خرج على ضجر، وفيه لأهل العلم نظر". اهـ