في بيان حفظ الله تعالى للسنة من اختلاط الكذب ونحوه بها وأن وقوع الكذب في الرواية لا يمنع من معرفة الصدق فيها
وينحصر النقل عن المعلمي هنا في ثلاثة مواضع:
الموضع الأول:
قال: في القاعدة الثالثة من قسم القواعد من "التنكيل":
" ... أعداء الإسلام وأعداء السنة يتشبثون بذلك [يعني بوقوع الكذب في الرواية] في الطعن في السنة كأنهم لا يعلمون أنه لم يزل في أخبار الناس في شئون دنياهم: الصدق والكذب، ولم تكن كثرة الكذب بمانعة من معرفة الصدق إما بيقين وإما بظن غالب يجزم به العقلاء ويبنون عليه أمورًا عظامًا.
ولم يزل الناس يغشون الأشياء النفيسة ويصنعون ما يشبهها كالذهب والفضة والدرّ والياقوت والمسك والعنبر والسمن والعسل والحرير والخز وغيرها، ولم يَحُلْ ذلك دون معرفة الصحيح.
والخالق الذي هَيَّأ لعباده ما يحفظون به مصالح دنياهم هو الذي شرع لهم دين الإسلام تكفل بحفظه إلى الأبد، وعنايته بحفظ الدين أشد وآكد؛ لأنه هو المقصود بالذات من هذه النشأة الدنيا. قال الله عز وجل:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: ٥٩].
ومن مارس أحوال الرواية وأخبار رواة السنة وأئمتها علم أن عناية الأئمة بحفظها وحراستها ونفي الباطل والكشف عن دخائل الكذابين والمتهمين كانت أضعاف عناية الناس بأخبار دنياهم ومصالحها.