٢/ ١٢ - صدْعُ الدُّجْنة (١) في فصْل البدعة عن السنة:
قال الزيادي (ص ٣٦ - ٣٧)"قال المعلمي في أولها:
"الحمد لله الهادي إلى سواء الصراط، جاعل دينه عدلًا، وسطًا بعيدًا عن التفريط والإفراط .. وكمل لهم الدين، وأتم النعمة على المؤمّنين، ورضى الإسلام دينًا، إلى أن يرث الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين، فلا دين إلّا ما ثبت عنه، ولا نور إلّا ما اقتبس منه -صلى الله عليه وسلم- وبارك عليه وعلى آله الطاهرين، وأصحابه الهداة المهتدين الذين أكمل لهم اليقين، وأقام بهم الدين، وحفظ بهم الكتاب والسُّنَّة، فلم يزل والناس على ذلك حتى اشتهر الحق على التحقيق، وأمن الصراط المستقيم إن اشتبه على طالبه ببِّينات الطريق، ثم حدثت أحداث، وخلف خلوف، وغلا غالون، وقصر آخرون، ووقف وقوف، وكثرت الخدع، وانتشرت البدع، وعبد الهوى وبئس المعبود، واشتبه المحمود بالمذموم والمذموم بالمحمود، وكانت البلية العظمى والرزية الكبرى، قلة العلماء وتقاعدهم عن نصرة الحق، ما بين خوّار يخاف النَّاس أشد من خوف الله، وجبّار يرغب في الشهرة والسمعة والجاه، ومفتون يحب الحطام، وخوف الطغاة وآخر وآخر، لا نطيل بذكرهم، ولا نبالغ الآن في هتك سترهم، لا جرم اتخذ النَّاس رؤساء في الدين جهالًا، فلم يألوا أنفسهم وغيرهم خبالًا، فلا يكاد يرى لهم رادع، ولا لأنوفهم جاذع بل ولا قارع.
إذا غاب ملّاح السفينة وارتمت ... بها الريح يومًا دبرتها الضفادع
وخلا الجو للملحدين، وأعداء الدين، فبالغوا في العيب والعبث، ودفنوا المحضا ونشروا الخبث، وكان ما كان والله المستعان".
(١) الصَّدْع هو الشَّقُّ، والدُّجْنَةُ هى الظلمة؛ فالمعنى: شق الظلمة.