فيما ذُكر من تعنت ابن حبان في باب الجرح في مقابل ما وُصف به من التساهل في باب التوثيق
قال أبو أنس:
سبقت الإشارة في الأمر الأول إلى نسبة ابن حبان إلى أمرين ظاهرهما التعارض، أَلا وهما: التساهل في التوثيق، والتعنت في الجرح.
وقد مَرَّ في الأمر الثاني تقرير الشيخ المعلمي لتساهل ابن حبان في قاعدته في توثيق المجاهيل، مع ما زدناه من البيان والنقل عن أهل العلم.
لكن مما يلفت النظر أنه يوجد في كلام بعض النقاد وصفُ ابن حبان بالتعنت في باب الجرح بما ظاهره عكس ما مَرَّ في تلك القاعدة.
(١)
ففي ترجمة: مُحَمَّد بن الفضل السدوسي ولقبه عارم من "الميزان"(٣/ ١٢١) بعد ذكر توثيقه وتقديمه:
"قال الدارقطني: تغير بأخرة، وما ظهر له بعد اختلاطه حديث منكر، وهو ثقة.
قال الذهبي: فهذا قول حافظ العصر الذي لم يأت بعد النسائي مثله فأين هذا القولُ من قولِ ابن حبان الخسَّاف المتهور في عارم فقال: اختلط في آخر عمره وتغيَّر حتَّى كان لا يدري ما يحدَّثُ به، فوقع في حديثه المناكير الكثيرة؛ فيجب التنكب عن حديثه فيما رواه المتأخرون؛ فإذا لم يُعلم هذا من هذا تُرك الكُلُّ، ولا يحتج بشيء منها.
قلت: ولم يَقْدِر ابنُ حبان أن يسوق له حديثًا منكرًا، فأين ما زعم؟ ". اهـ.