أضف إلى ذلك أن من عادتهم أنهم يحرصون على أن يذكروا في ترجمة الرجل أقدم شيوخه وأجلهم، فلو عرفوا للسمسار سماعًا من ابن عيينة أو أحد أقرانه أو من قرب منهم لكان أَوْلى أن يذكروه في شيوخه من نوح وعفان.
فإن قيل: إن كان ابن الصلت أراد الكذب فما الذي منعه أن يسمي شيخًا أشهر من السمسار وأثبت لا يُشك في سماعه من ابن عيينة؟
قلت: منعه علمه بأن الكذب على المشاهير سرعان ما يفتضح لإحاطة أهل العلم بما رووه، بخلاف المغمورين الذين لم يرغب أهل العلم في استقصاء ما رووه". اهـ.
[٤ - أمثلة للتهمة بسرقة الحديث ونظر المعلمي في ذلك]
المثال الأول:
ترجم العلامة المعلمي لـ: فهد بن عوف أبي ربيعة في "التنكيل" رقم (١٧٧) وقال: "قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: ما رأيت بالبصرة أكيس ولا أحلى من أبي ربيعة فهد بن عوف وكان ابن المديني يتكلم فيه ... قيل لأبي: ما تقول فيه؟ فقال: تعرف وتنكر، وحرك يده" ثم ذَكَر عن أبي زرعة قصةً حاصلُها: أن أبا إسحاق الطالقاني وَرَدَ البصرة فحدَّثَ من حديث ابن المبارك بحديثين غريبين، أحدهما: عن وهيب بسنده, والآخر: عن حماد بن سلمة بسنده، فبعد مدّة يسيرة حدث فهد بالحديث الأول عن وهيب بن خالد بذاك السند، والثاني عن حماد بن سلمة بسنده، فَرَمَوْا فهدًا بسرقة الحديثين، وأنه إنما سمعهما من الطالقاني عن ابن المبارك عن وهيب وعن حماد، فحدث بهما عن وهيب وعن حماد، وغلط مع ذلك فروى الأول عن وهيب بن خالد، وإنما وهيب شيخ ابن المبارك وهيب بن الورد.
والحجة في رميه بسرقة الحديث الثاني أنه حديث غريب لم يكن في كتب حماد بن سلمة، ولا رواه عنه غير ابن المبارك حتى حدث به الطالقاني عن ابن المبارك فوثب عليه فهد.