قال المعلمي: اشتهر في هذا الباب العنعنة مع أن كلمة "عن" ليست من لفظ الراوي الذي يذكر اسمه قبلها، بل هي لفظُ مَن دونه.
وذلك كما لو قال همام:"حدثنا قتادة عن أنس" فكلمة "عن" من لفظ همام؛ لأنها متعلقة بكلمة "حدثنا" وهي من قول همام، ولأنه ليس من عادتهم أن يبتدىء الشيخ فيقول:"عن فلان ... "، وإنما يقول: حدثنا، أو أخبرنا، أو قال، أو ذكر، أو نحو ذلك، وقد يبتدىء فيقول:"فلان ... " كما ترى بعض أمثلة ذلك في بحث التدليس من "فتح المغيث" وغيره، ولهذا يكثر في كتب الحديث إثبات "قال" في أثناء الإسناد قبل: "حدثنا"، و"أخبرنا"، وذلك في نحو قول البخاري:"حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال حدثنا يحيى بن سعيد" وكثيرًا ما تحذف فيزيدها الشراح أو قراء الحديث، ولا تثبت قبل كلمة "عن"، وتصفح إن شئت "شرح القسطلاني على صحيح البخاري".
فبهذا يتضح أنه في قول همام:"حدثنا قتادة عن أنس" لا يُدرى كيف قال قتادة، فقد يكون قال:"حدثني أنس" أو "قال أنس" أو "حدَّث أنس" أو"ذَكَر أنس" أو "سمعت أنسًا" أو غير ذلك من الصيغ التي تصرح بسماعه من أنس أو تحتمله، لكن لا يحتمل أن يكون قال:"بلغني عن أنس"؛ إذ لو قال هكذا، لزم همامًا أن يحكي لفظه أو معناه؛ كأن يقول:"حدثني قتادة عمَّن بلَّغَهُ عن أنس" وإلا كان همام مدلسًا تدليس التسوية، وهو قبيح جدًّا، وإن خف أمره في هذا المثال لما يأتي في قسم التراجم في ترجمة الحجاج بن محمد.
والمقصود هنا أنه لو قال راوٍ لم يُعرف بتدليس التسوية:"حدثني عبد العزيز بن صهيب عن أنس" كان متصلًا؛ لثبوت لقاء عبد العزيز لأنس، وأنه غير مدلس، مع أننا لا ندري كيف قال عبد العزيز، فقد يكون قال:"قال أنس" أو "ذكر أنس" أو