الاختلاف في الرواية: وصلًا وإرسالًا، أو رفعًا ووقفًا، أو زيادة ونقصًا: سببًا في التعليل، طالما أن رواةَ الكُلِّ ثقاتٌ، فكأنَّ الثقةَ عنده لا يخطىء، وفي هذا إهدارٌ لميراثٍ عظيم من تعليلات النقاد، وهَلْ عملُ النُّقَّادِ إلا على أحاديث الثقات؟!
أما غيرهم، فقد كفى ضعفُهم مئونةَ التفتيشِ عن أخطائهم، ولبسط هذا المبحث موضع آخر. والله تعالى الموفق.
[٦ - الاعتراض عليه في رده مراسيل الصحابة]
• قال ابن القيم في حاشيته على "سنن أبي داود"(٢/ ٧١) تعليقًا على حديث أبي بكرة في باب: من قال يصلي بكل طائفة ركعتين:
"حديث أبي بكرة هذا رواه الدارقطني عنه ... قال ابن القطان: وعندي أنه غير متصل؛ فإن أبا بكرة لم يصل معه صلاة الخوف؛ لأنه بلا ريب أسلم في حصار الطائف، فتدلى ببكرة من الحصن، فسمي أبا بكرة، وهذا كان بعد فراغه -صلى الله عليه وسلم- من هوازن، ثم لم يلق -صلى الله عليه وسلم- كيدا إلى أن قبضه الله.
وهذا الذي قاله لا ريب فيه، لكن مثل هذا ليس بعلة ولا انقطاع عند جميع أئمة الحديث والفقه؛ فإن أبا بكرة وإن لم يشهد القصة، فإنه سمعها من صحابي غيره، وقد اتفقت الأمة على قبول رواية ابن عباس ونظرائه من الصحابة، مع أن عامتها مرسلة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم ينازع في ذلك اثنان من السلف وأهل الحديث والفقهاء، فالتعليل على هذا باطل والله أعلم". اهـ.
• وقال ابن حجر في "التلخيص"(٢/ ٧٥):
"وأعله ابن القطان بأن أبا بكرة أسلم بعد وقوع صلاة الخوف بمدة، وهذه ليست بعلة؛ فإنه يكون مرسل صحابي". اهـ.