والحق أن أبا نعيم وضع من نفسه ومن كتبه، فجزاؤه أن لا يعتد بشيء من مروياته إلا ما صرح فيه بالسماع الواضح. اهـ.
[[٥٠] أحمد بن عبد الله الأصبهاني]
قال الخطيب في "تاريخ بغداد"(٣/ ٤٣٩): "حُدِّثْتُ عن أبي نصر محمد بن أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي قال: سمعت علي بن حمشاذ يقول: سمعت أحمد بن عبد الله الأصبهاني يقول: أتيت عبد الله بن حنبل فقال: أين كنت؟ فقلت: في مجلس الكديمي، فقال: لا تذهب إلى ذاك فإنّه كذاب، فلما كان في بعض الأيام مررت به، فإذا عبد الله يكتب عنه فقلت: يا أبا عبد الرحمن أليس قلت: لا تكتب عن هذا فإنه كذاب؟ قال: فأومأ بيده إلى فيه أن اسكت، فلما فرغ وقام من عنده قلت: يا أبا عبد الرحمن أليس قلت: لا تكتب عنه؟ قال: إنما أردت بهذا أن لا يجيء الصبيان فيصيروا معنا في الإسناد واحدًا".
فأعل الخطيب هذه القصة فقال:"كان عبد الله بن أحمد أتقى لله من أن يُكذِّب من هو عنده صادق، ويُحْتجّ بما حكى عنه هذا الأصبهاني، وفي هذه الحكاية نظر من جهته".
زعم الكوثري أن الخطيب قد قال في أحمد بن عبد الله الأصبهاني هذا: مجهول، وزعم أيضًا أنه من ثقات شيوخ ابن حمشاذ مترجم في "تاريخ أصبهان" لأبي نعيم.
قال الشيخ المعلمي: ليس في عبارة الخطيب كلمة "مجهول" ولا هي صريحة في معناها؛ إذ يحتمل أن يكون الخطيب عرف الأصبهاني بالضعف، ويحتمل أنه لم يعرفه، ولكن استدل بنكارة حكايته على ضعفه، ولا يلزم من عدم معرفته له أن يجزم بأنه "مجهول" فإن المتحري مثل الخطيب لا يطلق كلمة "مجهول" إلا فيمن يئس من أن يعرفه هو أو غيره من أهل العلم في عصره، وإذا لم ييأس فإنما يقول:"لا أعرفه" ..