للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المعلمي: وإذ قد عُرف اصطلاحه فلا حرج، ولكن من أقسام الإجازة: الإجازة العامّة، بأن يجيز الشيخ للطالب جميع مروياته أو جميع علومه، فينبغي التثبت في روايات العاملين بهذه الإجازة، فإذا ثبت في أحدهم أنه لا يروي بها إلا ما ثبت عنده قطعًا أنه من مرويات المجيز، فهذا ممن يوثق بما رواه بالإجازة، وإن بان لنا أو احتمل عندنا أن الرجل قد يروي بتلك الإجازة ما يسمع ثقة عنده يحدث به عن المجيز، فينبغي أن يتوقف فيما رواه بالإجازة؛ لأنه بمنزلة قوله: حدثني ثقة عندي، وإن بان لنا في رجلٍ أنه قد يروي بتلك الإجازة ما يسمع غير ثقة يحدث به عن المجيز فالتوقف في المروي أوجب، فأما الراوي فهو بمنزلة المدلس عن غير الثقات فإن كان قد عُرف بذلك فذاك، وإلا فهو على يديِّ عدْلٍ.

وإذا تقرر هذا فقد رأيت في "تاريخ بغداد" ج (٨) (ص ٣٤): "أخبرنا أبو نعيم الحافظ أخبرنا جعفر الخلدي في كتابه قال: سألت خير النساج .. " فذكر قصة غريبة ثم قال الخطيب "قلت: جعفر الخلدي ثقة، وهذه الحكاية طريفة جدًّا، يسبق إلى القلب استحالتها، وقد كان الخلدي كتب إلى أبي نعيم يجيز له رواية جميع علومه، وكتب أبو نعيم هذه الحكاية عن أبي الحسن بن مقسم عن الخلدي نفسه إجازة، وكان ابن مقسم غير ثقة. والله أعلم".

أقول: فقول أبي نعيم: "أخبرنا الخلدي في كتابه" أراد به أن الخلدي كتب إليه بإجازته له جميع علومه، فأما القصة فإنما سمعها من ابن مقسم عن الخلدي، وابن مقسم غير ثقة، فهذا أشد ما يُقدح به في أبي نعيم، لكن لعلّه اغتر بما كان يظهره ابن مقسم من النسك والصلاح فظنّه ثقة، فإن ابن مقسم وهو أحمد بن محمد بن الحسن ابن مقسم ترجمته في "تاريخ بغداد" ج (٤) (ص ٤٢٩) وفيها: "حدثنا عنه أبو نعيم الحافظ ومحمد بن عمر .. وكان يظهر النسك والصلاح ولم يكن في الحديث بثقة" وقد تكلم الدارقطني وغيره في ابن مقسم. والله المستعان.

<<  <  ج: ص:  >  >>