والثالثة: جماعة لزموا الزهري كالطبقة الأولى، غير أنهم لم يَسْلموا من غوائل الجرح، فَهُمْ بين الرد والقبول، وهم شرط أبي داود والنسائي، نحو جعفر بن برقان، وسفيان بن حسين السلمي، وزمعة بن صالح المكي، وعبد اللَّه بن عمر العمري، ونحوهم.
والرابعة: قوم شاركوا أهل الثالثة في الجرح والتعديل، وتفردوا بقلة ممارستهم لحديث الزهري؛ لأنهم لم يلازموه كثيرًا، وهم شرط الترمذي ... ومن هذه الطبقة: معاوية بن يحيى الصدفي، وإسحاق بن يحيى الكلبي، والمثنى بن الصباح، وإبراهيم ابن يزيد المكي، وإسحاق بن عبد اللَّه بن أبي فروة ونحوهم.
والخامسة: نفر من الضعفاء والمجهولين، لا يجوز لمن يخرج الحديث على الأبواب أن يخرج لهم إلا على سبيل الاعتبار والاستشهاد عند أبي داود فمن دونه، فأما عند الشيخين فلا؛ كبحر بن كنيز السقاء، والحكم بن عبد اللَّه الأيلي، وعبد القدوس بن حبيب، ومحمد بن سعيد المصلوب، وغيرهم.
وقد يخرج البخاري أحيانًا عن أعيان الطبقة الثانية، ومسلم عن أعلام الطبقة الثالثة، وأبو داود عن مشاهير الرابعة؛ وذلك لأسباب اقتضته. اهـ.
ثالثًا: قول ابن تيمية:
سُئل رحمه الله: ما شرط البخاري ومسلم فإنهم فرقوا بينهما؟
فأجاب:
"أما شرط البخاري ومسلم، فلهذا رجالٌ يروي عنهم يختص بهم، ولهذا رجالٌ يروي عنهم يختص بهم، وهما مشتركان في رجال آخرين، وهؤلاء الذين اتفقا عليهم: عليهم مدار الحديث المتفق عليه وقد يروي أحدهم عن رجلٍ في المتابعات والشواهد دون الأصل، وقد يروي عنه ما عُرف من طريق غيره، ولا يروي ما انفرد