للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١ - البحث الذى ذكره الشيخ المعلمي في "عمارة القبور"]

قال المعلمي في (ص ٢٣٣) منه:

"لي بحث في اشتراط اللقاء، أحببت أن ألخصه هنا:

فأقول: الأصل في الرواية أن تكون عما شاهده الراوي، أو أدركه، فتأمل هذا، وأفرض أمثلة بريئة عن القرائن من الطرفين، كأن تكون ببلدة فتسمع برجل غريب جاءها، وبعد أيام تلقاه، فيخبرك عن أناس من أهل تلك البلدة: أن فلانًا قال: كذا، وفلانًا قال: كذا، من دون أن يصرح بسماع، ولا علمت لقاءه لهم، ولكنك تعتقد أنه لا مانع له من لقائهم، ثم توسع في الأمثلة، ولاحظ أنها واقعة في عصر التابعين حين لا برق، ولا بريد، ولا صحافة، ولا تأليف، وإنما كان يتلقى العلم من الأفواه، والناس مشمرون لطلب العلم، ولاسيما للقاء أصحاب نبيهم -صلى الله عليه وسلم-.

ثم لاحظ أنه لم يكن يوجد منهم إلا نادرًا من لم يزر الحرمين، وفيهما يمكن اجتماع الراوي بالمروي عنه، إذا كانا متعاصرين، وبهذا يندفع ما يوهمه تباعد البلدين مع عدم اللقاء، فإذا كان الحال ما ذكر، وثبت أن أحد المتعاصرين روى عن الآخر بلا تصريح بسماع، ولا عدمه، كان المتبادر السماع، فكيف إذا لاحظت أن كثيرًا من السلف كان يزور الحرمين كل عام؛ فكيف إذا كان أحدهما ساكنًا أحد الحرمين! فكيف إذا ثبت أن الآخر زارهما! وكذا إذا كان أحد الشخصين ببلد قد زاره الآخر.

فأما إذا كانا ساكنين بلدًا واحدًا فإنه يكاد يقطع باللقاء.

وزد على هذا أن الإسناد كان شائعًا في عهد السلف، لا تكاد تجد أحدًا إلا وهو يقول: عن فلان، أن فلانًا أخبره عن فلان، أن فلانًا أخبره عن فلان -مثلًا- مع أن السلف كانوا أهل تثبت واحتياط.

<<  <  ج: ص:  >  >>