فإني منذ بضع سنين مشتغل بتصحيح الكتب العلمية في مطبعة "دائرة المعارف العثمانية" وتبين لي بعد الممارسة قيمة التصحيح العلمية والعملية، وما ينبغي للمصحح أن يتحقق به أولًا ثم ما يلزمه أن يعمل به ثانيًا.
ورأيت غالب الناس في غفلة عن ذلك أو بعضه، فمن لم يشتغل بقراءة الكتب العلمية ومقابلتها وتصحيحها، يبخس التصحيح قيمته ويظنه أمرًا هينا لا أهمية له ولا صعوبة فيه.
ولما كان أكثر المتولين أمور المطابع من هذا القبيل عظمت المصيبة بذلك، ولهم طرق:
[الطريقة الأولى]
من يكتفي بالتصحيح المطبعي؛ أعني جعل المطبوع موافقًا للنسخة القلمية، فتارة تكون نسخة واحدة، وخطأ هذا بغاية الوضوح عند من كان عنده معرفة علمية واطلاع على النسخ القلمية، فإنَّها لا تكاد تخلو نسخة قلمية عن خطأ وتصحيف وتحريف، وأقل ذلك أن يشتبه على القارىء فيقرأ غلطا، وقد رأينا من هذا كثيرا، نرى بعض النساخ يغلط في النسخ كثيرا مع أن الأصل صحيح، ولكنه أخطأ في القراءة؛ إما لكون خط الأصل سقيما أو معلقًا (١) أو غير منقوط، وهذا كثير في الكتب