العتيقة، أو تشتبه بعض حروفه ببعض، وهذا كثير جدًّا، هذا فضلًا عما يكون في الأصل نفسه من الخطأ، فإنك لا تكاد تجد كتابًا قلميا واحدًا مبرءا عن الغلط.
ويقع في أوربا أن يطبعوا الكتاب بطريق التصوير، كما فعلوا بكتاب الأنساب للسمعاني، وفي هذا ترك الأغلاط التي في الأصل على ما هي وزيادة أنه عند العكس كثيرًا ما تخفى النقاط وبعض الحروف الصغيرة.
وتارة تكون عدة نسخ قلمية ويكلف المصحح أن يجعل إحداها أُمًّا ويثبت مخالفات النسخ الأخرى على الهامش، وفي هذا من النقائص.
١ - أنه كثيرًا ما تجتمع عدة نسخ على الخطأ.
٢ - بعض النسخ قد تكون مخالفتها خطأ قطعيا، فإثباتها تسويد للورق وتكثير للعمل، يؤدي إلى ارتفاع قيمة الكتاب المالية، فيضر ذلك من يريد اقتناءه وبالمطبعة أيضا؛ لأن كثيرًا من الراغبين في اقتناء الكتب يصدهم غلاؤها عن اشترائها، وربما عارضتها مطبعة أخرى، فطبعت الكتاب بنفقة أقل قناعة عن ... فأقبل الناس على هذا وتركوا تلك.
٣ - إن حيلتهم العمل إلى إسقاط لقيمة النسخة المطبوعة وللمطبعة؛ لأن العارف بدل أن يفهم من إثبات الأغلاط الواضحة أمانة المطبعة ومصححها وشدة تحريهم يفهم أنه ليس فيهم أحد من أهل العلم يعلم أن ذلك غلط واضح.
٤ - أن كثيرًا من المطالعين لا يميزون بين الصواب والخطأ، ففي الطبع على الطريقة المذكورة حرمان هؤلاء من بعض الفائدة، وإيقاع بعضهم في الغلط، وتكليفهم المشقة إذا أرادوا أن يستشهدوا بشيء من الكتاب.
وبعض المصححين ينبه على الخطأ بأنه خطأ، وهذا وإن اندفع به بعض النقائص المذكورة فقد زاد نقصًا آخر وهو أن التنبيه على الغلط يلزمه أن يبين المصحح مستنده في التغليط فيعظم حجم الكتاب وقد بينا ما فيه.