فهذا المجازف اتصل بالملك عيسى، وقد عرفت بعض حالة في التعصب، فتحنف السبط إرضاء له، وألَّف كلٌّ منهما ردًّا على الخطيب كما مر في ترجمة أحمد بن الحسن بن خيرون، وحاول السبط التقرب إلى عيسى بذم الخطيب، وذكر حكاية ابن طاهر (١) فزاد فيها.
قال الأستاذ (ص ١٢): "قال سبط ابن الجوزي في "مرآة الزمان": قال محمد بن طاهر المقدسي: لما هرب الخطيب من بغداد عند دخول البساسيري إليها قدم دمشق فصحبه حدثٌ صبيحُ الوجه كان يختلف إليه، فتكلم الناس فيه وكثروا حتَّى بلغ والي المدينة وكان من قبل المصريين شيعيًّا، فأمر صاحب الشرطة بالقبض على الخطيب وقتله وكان صاحب الشرطة سنيًّا فهجم عليه فرأى الصبي عنده وهما في خلوة فقال للخطيب: قد أمر الوالي بقتلك وقد رحمتك ... فأخرجوه فمضى إلى صور واشتد غرامه بذلك الصبي ... ".
فيقال لهذا الجانف المجازف: توفي ابن طاهر قبل أن يولد جدك، فمن أين لك هذه الحكاية عنه على هذا اللون؟ قد حكاها غيرك عن ابن طاهر حتَّى ياقوت مع شدة غرامه بالحكايات الفاجرة حتَّى في ترجمة الكسائي فلم يذكروا فيها ما ذكرت، بل نقلها خليلك الملك عيسى في رده على الخطيب (ص ٢٧٧) من خط ابن طاهر كما قال، ولم يذكر هذه الزيادة ولا ما يشير إليها. استفدت هذه من ترجمة الخطيب للدكتور يوسف العش. وكانت القصة وابن طاهر سنه تسع سنين ولم يكن بدمشق فممن سمع الحكاية؟ لم يسمعها على هذا الوجه من مكي الرميلي فإنه حكى ما سمعه من مكي على غير هذا، وقد تقدم حال مكي بما يعلم أنه يمتنع أن يحكيها على هذا الوجه أو ما يقرب منه، مع أن مكيا لم يشهد القصة فممن سمعها؟ وفي أقل من هذا ما يتضح به نكارة القصة على هذا الوجه وبطلانها، ولو كان السبط ثقة لاتجه الحمل على ابن طاهر وتثبت مجازفته، لكن حال السبط كما علمت، وقد حكاها غيره عن ابن طاهر على وجهٍ يغتفر في الجملة، فالحمل على السبط". اهـ.