عمر فكأنَّ بعضَ المجاهيل سمع بذلك، فركب السند إليه بهذا الحديث، فاستحيا النضري عن أن يقول: عن مالك عن نافع عن ابن عمر، فيكون أشنعَ للفضيحة، فكنى عن مالك برجل!
هذا، ومن شأنِ الدجالين أن يركبَ أحدُهم للحديثِ الواحدِ عدةَ أسانيدَ؛ تغريرًا للجهال، وأن يضعَ أحدُهم فيسرق الآخر، ويركب سندًا من عنده، ومن شأن الجهال المتعصبين أن يتقربوا بالوضع والسرقة وتركيب الأسانيد.
وقد قال أبو العباس القرطبي:"استجاز بعضُ فقهاءِ أهلِ الرأي نسبةَ الحكمِ الذي دل عليه القياسُ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ... ولهذا ترى كتبهم مشحونةً بأحاديثَ تشهد متونُها بأنها موضوعة؛ لأنها تشبه فتاوى الفقهاء ... ولأنهم لا يقيمون لها سندًا صحيحًا".
وقد أشار إلى هذا ابن الصلاح بقوله:"وكذا المتفقهة الذين استجازوا نسبة ما دل عليه القياس إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-".
فتدبر ما شرحناه، ثم تأمل ما تقدم عن العيني ... وانظر ما يقول العيني والكوثري؛ حتى كأنَّ أئمةَ الحديثِ ورجالِه وفقهاءَ المذاهبِ الأخرى أهلٌ عند العيني والكوثري لِكلِّ كذبٍ، وإن اشتهروا بالإمامة والثقة والصدق والتقوى، بخلاف أصحابِهما أهلِ الرأي، كأنه لا يكون منهم ولا من حُمُرهم وكلابهم إلا الصدق ... ". اهـ.