للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا بد أن يخالف الكتاب والسنة حتمًا في كثير من القضايا، هذا في المخالفة القطعية، فأما الظنية فحدِّث عن كثرتها ولا حرج.

ومن جهةٍ أخرى فمن المحال عادة أن يكون الحق دائمًا من المسائل الخلافية مع المرخصين، فالترخص فيها كلها ترك متيقن لكثير من الحق.

ولنفرض أن جماعةً تتبعوا أقوال علماء المسلمين من جميع الفرق ثم جمعوا كتابًا ضمنوه ما اتفق المسلمون على أنه واجب أو حرام أو باطل (١) وأهملوا ما عدا ذلك، فهل يقال: إن من حافظ على ما في ذاك الكتاب بدون نظر إلى غيره كان مسلمًا ناجيًا في الآخرة مقربًا عند الله تعالى ثم يستغني الناس بذاك الكتاب عن كتاب الله وتفسيراته وعن كتب السنة وشروحها ومتعلقاتها وعن كتب الفقه كلها، ثم لا يعدم المشذبون مقالا يشكك فيما ضمَّه ذاك الكتاب كالشك في تحقق الإجماع وفي حجيته، ولتغير الأحكام بتغير الزمان، وحينئذ يستريح الذين يدعون أنفسهم بالمصلحين من كل أثرٍ للإسلام.

وقال ابن حزم في "الأحكام" (٣/ ١١٤):

"وبالجملة فهذا مذهبٌ لم يُخلق له معتقدٌ قطُّ، وهو أن لا يقول القائل بالنص حتَّى يوافقه الإجماع، بل قد صح الإجماع على أن قائل هذا القول معتقدًا له كافر بلا خلاف؛ لرفضه القول بالنصوص التي لا خلاف في وجوب طاعتها".

هذا وقد برئت ذمةُ الغزالي من ذاك القول كما علمتَ.


(١) علَّق هاهنا الشيخ المعلمي بقوله: انظر: هل يسمحون بزيادة: أو مندوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>