للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتقليدهم، والمشي وراءهم، وإمعان النظر في تآليفهم، وكثرة مجالسة حفاظ الوقت، مع الفهم، وجودة التصور، ومداومة الاشتغال، وملازمة التقوى والتواضع، يوجب لك إن شاء الله معرفة السنة النبوية، ولا قوة إلا بالله". اهـ.

قاله أبو أنس:

هذه نماذج مما سَطَّر به مَنْ ذكرنا من الحفاظ شهادتَهم في حَقِّ متقدمي أهل هذا الفَنِّ، وقد قامت الحُججُ على استحقاقهم لتلك المنزلة، وتظاهَر مَنْ ذكرنا من متأخري المحدثين على تأكيد ذلك.

وإذا كان هذا المعنى مستقرًا لدى كُلِّ مُنصف قد ألم بطرفٍ من هذا العلم؛ فإن دلالة ذلك واضحة على ما يلي:

أولًا: وجوب التسليم لهم في باب جرح الرواة وتعديلهم، ولا يُدفع قولهم بقول مَنْ بعدهم ممن لم يبلغوا مبلغهم في العلم والاحتياط والورع.

ثانيًا: وجوب التسليم لهم في باب تصحيح الأخبار وتعليلها، وعدم الالتفات إلى مخالفة غيرهم لهم ممن لم يفطنوا إلى دقائق هذا الفنّ وغوامضه.

ثالثًا: لزوم العناية التامَّة بكتبهم، واستقرائها بتأنٍّ لمن رُزِق أدوات هذا العلم وحَصَّل أسبابه، وذلك مِنْ أَجل الوقوف على أصول هذا الفنّ، وقواعده وحدود ألفاظه، ومعاني مصطلحاته عندهم؛ فَهُمْ قِبلةُ هذا الأمر، فلا يجوز الالتفاتُ عنها لمن أراد القَبُول، فمن ترك كلامهم، وذهب يتلمس ذلك في عبارات المتأخرين التي يخلو كثير منها من التحرير، ويُردد المصنفون فيها كلامَ بعضهم بعضًا مع زيادة كُل منهم شيئًا مما يراه في بعض الأبواب، فلم يأت البيتَ من بابه، ولم يستقبل قبلة هذا العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>