للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ أبي حاتم (١): سمعتُ أبي رحمه الله يقول: "كنا إذا اجتمعنا عند محدثٍ أنا وأبو زرعة، كنتُ أتولّى الانْتِخاب، وكنتُ إذا كتبتُ حديثًا عن ثقةٍ لم أُعِدْهُ، وكنتُ أكتبُ ما ليس عندي. وكان أبو زرعة إذا انتخب يُكثر الكتابة، كان إذا رأى حديثًا جيدًا قد كتبهُ عن غيره أعادهُ". اهـ.

وكان الناقدُ ربما سمع من الشيخ الواحِدِ عِدّة مراتٍ بينها فتراتٌ؛ الْتِماسًا لسماعِ ما لم يسمعْه منه مِنْ قبْلُ، وكان ينتخبُ أيضًا ما فاته سماعُه فقط، فيكتبه، أما المُعادُ، فإنَّهُ يعْرِضُهُ على ما كتبه عنه أولًا؛ لاخْتِبار حالِ الشيخ في الضّبْط.

قال ابن أبي حاتم (٢): سمعت أبي يقول: "كنتُ أتولّى الانْتِخاب على أبي الوليد (٣)، وكنتُ لا أنتخبُ ما سمعتُ من أبي الوليد قديمًا .. فلما تيسّر لي الخروج من البصرة، قلتُ لأبي زرعة: تخرجُ؟ فقال: لا، إنك تركت أحاديث من حديثِ أبي الوليد مما كتبت عنه سمعت منه قديمًا، فكرهتُ أن أسأل في شيءٍ يكونُ عليك مُعادًا، فأنا أُقيمُ بعدك حتى أسْمع". اهـ.

وقال أبو الوليد الطَّيالسيُّ (٤): قال حماد بن زيد: ما أُبالي من خالفني إذا وافقني شعبةُ؛ لأنّ شعبة كان لا يرْضى أن يسمع الحديث مرة يُعاوِدُ صاحبه مرارًا، ونحن كنا إذا سمعناه مرّةً اجتزينا به". اهـ.

وقال أبو داود الطيالسي (٥): سمعتُ شعبة يقول: سمعتُ من طلحة بن مُصرِّفٍ حديثًا واحدًا، وكنتُ كما مررتُ به سألتُه عنه، فقيل له: لِم يا أبا بِسْطام؟ قال: أردتُ أن انظر إلى حِفظه، فإن غيّر فيه شيئًا تركتُه". اهـ.


(١) "تقدمة الجرح والتعديل" (ص ٣٦١).
(٢) نفسه (ص ٣٣٤).
(٣) هو أبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك البصري، ثقة ثبت حافظ.
(٤) "تقدمة الجرح والتعديل" (ص ١٦٨، ١٦١)
(٥) "الكفاية" للخطيب (ص ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>