للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو زرعة أيضًا (١): "خرجتُ من الرّيِّ المرّة الثانية سنة سبع وعشرين ومائتين، ورجعتُ إلى مصر، فأقمت بمصر خمسة عشر شهرًا، وكنت عزمتُ في بدو قدومي مصر أني أُقِلُّ المُقام بها، لما رأيتُ كثرة العلم بها وكثرة الاستفادة، عزمتُ على المُقام، ولم أكن عزمتُ على سماع كتب الشافعيِّ، فلما عزمتُ على المُقام وجهتُ إلى أعْرفِ رجل بمصر بِكُتُبِ الشافعي، فقبلتُها منه بثمانين درهمًا أن يكتبها كلها، وأعطيتُه الكاغِد، وكنتُ حملتُ معي ثوبين. لأقطعهما لنفسي، فلما عزمتُ على كتابتها، أمرتُ ببيعهما، فبِيعا بستين درهمًا، واشتريتُ مائة سرقة كاغد بعشرة دراهم، كتبتُ فيها كُتُب الشافعي .. ".

فانظر إلى نفقته في "إحصاءِ" كُتُبِ الشافعي.

وقال ابن أبي حاتم (٢): "سمعنا من محمد بن عُزيْز الأيلي الجزء السادس من مشايخ عُقيْل، فنظر أبي في كتابي، فأخذ القلم فعلّم على أربعةٍ وعشرين حديثًا؛ خمسة عشر حديثًا منها متصلة بعضها ببعض، وتسعة أحاديث في آخر الجزء متصلة، فسمعته يقول: ليست هذه الأحاديث من حديث عُقيْل عن هؤلاء المشْيخةِ، إنما ذلك من حديث محمد بن إسحاق عن هؤلاء المشْيخةِ.

ونظر إلى أحاديث عن عُقيْل عن الزُّهريّ، وعُقيْل عن يحيى بن أبي كثير، وعُقيْل عن عمرو بن شعيب ومكحول، وعُقيل عن أسامة بن زيد الليثي فقال: هذه الأحاديث كلها من حديث الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير، والأوزاعي عن نافع، والأوزاعي عن أسامة بن زيد، والأوزاعي عن مكحول، وإن عُقيْلًا لم يسمع من هؤلاء المشْيخةِ هذه الأحاديث". اهـ.

فتدبّرْ قول أبي حاتم: "ليست هذه الأحاديث من حديث عُقيْل عن هؤلاء المشيخة .. " مِنْ أين كان يتأتى له أن يجزم بذلك إن لم تكن أحاديثُ عُقيل مجموعةً


(١) "تقدمة الجرح والتعديل" (ص ٣٤٠).
(٢) "تقدمة" (ص ٣٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>