الأول: أن الخطيب إن كان قصد بجمع تلك الرسائل جمع ما ورد في الباب فلا احتجاج، وإن كان قصد الاحتجاج فبمجموع ما أورده, لا بكل حديث على حدة.
الثاني: أننا عرفنا من ابن الجوزي تسرعه في الحكم بالوضع والبطلان، وترى إنكار أهل العلم عليه في كتب المصطلح في بحث "الموضوع".
الثالث: أن من جملة ما أورده في "الموضوعات" وَحْدها أكثر من ثلاثين حديثًا رواها الإمام أحمد في "مسنده" ولعله أورد في "الأحاديث الواهية" أضعاف ذلك، فيقال له: إن كنت ترى أنه خفي على الإمام أحمد ما عَلِمْتَهُ من كون تلك الأحاديث موضوعة أو باطلة، فما نراك أحسنت الثناء عليه, وعلى ذلك فالخطيب أَوْلى أن يخفى عليه.
الرابع: لا يلزم من زعم ابن الجوزي أن الحديث موضوع باطل أن يكون الخطيب يرى مثل رأيه.
الخامس: قد يجوز أن يكون الحديث موضوعًا أو باطلًا ولم ينتبه الخطيب لذلك.
السادس: إذا رُوي الحديث بسند ساقط لكنه قد روي بسند آخر حسن أو صالح أو ضعيف ضعفًا لا يقتضي الحكم ببطلانه لم يجز الحكم ببطلان المتن مطلقًا، ولا يدخل من رواه بالإسنادين معًا في حديث:"من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين".
وقد يُتوسع في هذا فَيُلْحق به ما إذا كان المتن المروي بالسند الساقط ولم يُرو بسند أقوى لكن قد رُوي معناه بسند أقوى، يقوي هذا أن المفسدة إنما تعظم في نسبة الحكم إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- مع ظن أنه كذب، لا في نسبة اللفظ، وشاهد هذا جواز الرواية بالمعنى. اهـ.
فائدة: في النظر في كتب الهلكى والمتروكين لأغراض صحيحة لا لأجل الاعتماد على