فإذا كانت هذه حاله، ولم يُنقم عليه مع إكثاره إلا ذاك الحديث، فلعل الأَوْلى أن يحمل على العذر، فلا يمتنع أن يكون قد سمع الحديث من حفص ثم نسيه أو خفى عليه أنه غريب، أو طمع أن يدلَّهُ محمد بن عقيل على حديث غريب آخر ثم ذكره وتنبَّه لفرديته فرواه.
وقد يكون كتبه بعد أن سمعه في الحاشية، أو لا يكون كتبه أولًا ثم لما ذكر أنه سمعه أو عرف أنه غريب ألحقه في الحاشية، وكان مع حفص في بلد واحد فلا مانع أن يكون سمع منه الحديث في غير المجلس الذي سمع فيه محمد بن عقيل وصاحبه.
وأهل الحديث جزاهم الله خيرًا ربما يشددون على الرجل وهم يرون أن له عذرًا؛ خشية أن يتساهل غيره طمعًا في أن يعذروه كما عذروا ذاك. والله أعلم. اهـ.
المثال الثالث:
ترجم المعلمي لـ: محمد بن يونس الجمال في "التنكيل" رقم (٢٤٠) ونقل قولَ الكوثري فيه: "قال محمد بن الجهم: هو عندي متهم، قالوا: كان له ابنٌ يُدخل عليه الأحاديث، وقال ابن عدي: ممن يسرق حديث الناس ... ".
فقال المعلمي:
"محمد بن الجهم هو السمري، صدوق، وليس من رجال هذا الشأن. وقوله: "قالوا: كان له ابن ... " لم يبيّن مَن القائل، وابن عدي إنما رماه بالسرقة لحديث واحد رواه عن ابن عيينة، فذكر ابن عدي أنه حديث حسين الجعفي عن ابن عيينة، يعني أنه معروف عندهم أنه تفرد به حسين الجعفي عن ابن عيينة، وحسن الجعفي ثقة ثبت، فالحديث ثابت عن ابن عيينة، وقد سمع الجمال من ابن عيينة, فالحكم على