للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "معرفة علوم الحديث" للحاكم (ص ١٠٤) ذكر أجناس التدليس قال:

الجنس الثاني من المدلسين: قوم يدلسون الحديث فيقولون: "قال فلان"، فإذا وقع إليهم من ينقر عن سماعاتهم، ويُلح، ويراجعهم، ذكروا فيه سماعاتهم، ثم ذكر مثالا لرواية هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة حديثًا، ثم بيَّن أن بعضه لم يسمعه من أبيه، إنما هو عن الزهري. اهـ.

أقول:

مقتضى ما ذهب إليه المعلمي هنا -وهو أن صنيعَ هشام: تدليسٌ؛ مستدلا بوصف الحاكم وابن حجر لفعل هشام بذلك- ينقضُ استدلالَ مسلم؛ وذلك لأن الأمثلة التي ذكرها مسلم مفروضة في غير المدلس، ومقتضى استدلال مسلم برواية هشام: تصريح بأن هشاما لا يدلس.

وهو الذي ذهب إليه المعلمي قبل ذلك في "التنكيل" (١/ ٥٠٣)؛ فقال فى ترجمة هشام رقم (٧٨٩):

"التحقيق أنه لم يدلس قط، ولكن كان ربما يحدث بالحديث عن فلان، عن أبيه، فيسمع الناس منه ذلك ويعرفونه، ثم ربما ذكر ذلك الحديث بلفظ: "قال أبى" أو نحوه؛ اتكالًا على أنه قد سبق منه بيانُ أنه سمعه من فلان، عن أبيه، فيغتنم بعض الناس حكايته الثانية، فيروي ذاك الحديث عنه، عن أبيه؛ لما فيه من صورة العلو، مع الإتكال على أن الناس قد سمعوا روايته الأولى وحفظوها. وفي مقدمة "صحيح مسلم" ما يصرح بأن هشامًا غير مدلس، وفيه أن غير المدلس قد يرسل، وذكر لذلك أمثلةً، منها: حديث رواه جماعة عن هشام: "أخبرني أخي عثمان بن عروة، عن عروة" ورواه آخرون عن هشام، عن أبيه، ومع هذا فإنما اتفق لهشام مثل ذلك نادرًا، ولم يتفق إلا حيث يكون الذي بينه وبين أبيه ثقة لا شك فيه؛ كأخيه عثمان، ومحمد ابن عبد الرحمن بن نوفل يتيم عروة، والله الموفق". اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>