للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يُكتفى باحتمال اطلاع فلان وفلان على ما قاله مسلم دون نكير؛ لأن الجواب عن ذلك باحتمالات مناهضة يُفسد الحِجاج ويُسقطه. والواجب اعتبار الصريح من تصرفات الأئمة، دون الركون إلى احتمالات ومنطقيات لا تقدم ولا تؤخر.

٣ - ومهما يكن من قوة عبارات مسلم في نقل ذلك الإجماع وثقته بذلك، فهو يعكس قناعته التامة بما يطرحه في هذه القضية، وقد بناه على ما ذكره من أن طائفة من أهل الحديث الذين ذكرهم -ومنهم شعبة والقطان وابن مهدي، ومن بعدهم- لم يكونوا يفتشون عن سماع رواة الحديث ممن روى عنهم إلا إذا كان الراوي ممن عُرف بالتدليس في الحديث وشُهر به.

وقد خُولف مسلمٌ فيما بَنى عليه ذلك الإجماع بأن ما نفاه من صنيع أهل الحديث قد وُجد بكثرة، ونظرةٌ في كتب المراسيل -مثلا- تُبين ذلك بجلاء.

٤ - وقضيةُ قَصْد مسلم بذلك التشنيع البخاريَّ رحمه الله، قضيةٌ فرعيةٌ لا تُغير من حقائق الأمور شيئا، وسواء أقصد مسلمٌ البخاريَّ أم لا؟ فالمراد: هل هو مذهب البخاري -كما أكده غير واحد من المحققن وأثبتوه من صنيعه في كتبه- أم لا؟ واستبعادُ أن يكون مسلمٌ قصد البخاريَّ لشناعة الألفاظ التي استعملها في الحَطِّ على قائل تلك المقالة، لا ينفي عن البخاري أن يكون من أصحابها، والعبرة بالدلائل والبينات.

٥ - ولا حاجةَ لِنَصْبِ أو زَعْم خلافٍ بين البخاري ومسلم في تلك المسألة، وناسِبُ ذلك الشرط الذي أنكره مسلم إلى البخاري لا يلزمه القول بنصب ذلك الخلاف، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.

٦ - قول العوني في جوابه عما تُعُقب به على مسلم من الوقوف على تصريح بعض الرواة بالسماع من بعض في تلك الأسانيد التي زعم مسلم أنه لم يُحفظ عنهم فيها سماع، ومن ذلك في "صحيح" مسلم نفسه، قوله (ص ٩٣): "إني لأتلمس

<<  <  ج: ص:  >  >>