ذكر البيهقي ذلك في الخلافيات ثم قال:"ولا يبعد أن يكون له عن عمرو غير هذا" نقله ابن التركماني في "الجوهر النقي" ثم راح يناقش البيهقي بناء على ما توهموه أن مقصود الطحاوي الانقطاع ودعوى أنه لم يثبت لقيس لقاء عمرو، وقد مر إبطال هذا الوهم.
والطحاوي أعرف من أن يدعي ذلك لظهور بطلانه، مع ما يلزم من اتهام قيس بالتدليس الشديد الموهم للقاء والسماع، على فرض أن هناك مجالا للشك في اللقاء.
وقد بيَّنا أن الطحاوي إنما حام حول الامتناع، والحق أنه لا امتناع، ولكن قيسا عاجله الموت، ولما كان يحدث في حلقته في المسجد الحرام كان عمرو حيا في المسجد نفسه، ولعل حلقته كانت بالقرب من حلقة عمرو، فكان قيس يرى أن الناس في غنى عن السماع منه عن عمرو؛ لأن عمرا معهم بالمسجد، فكان قيس يحدث بما سمعه من أكابر شيوخه، فإن احتاج إلى شيء من حديث عمرو في فتوى أو مذاكرة فذكره، قام السامعون أو بعضهم فسألوا عمرا عن ذلك الحديث فحدثهم به فرووه عنه ولم يحتاجوا إلى ذكر قيس، واستغنى سيف في هذا الحديث وجرير في الحديث الآخر بالسماع من قيس، لأنه ثقة ثبت، ولعله عرض لهما عائق عن سؤال عمرو ... ".
وقد قال المعلمي قبل ذلك (ص ١٥٣):
"قيس ولد بعد عمرو ومات قبله، وكان معه بمكة وسمع كل منهما من عطاء وطاوس وسعيد بن جبير ومجاهد وغيرهم.
وكان عمرو لا يدع الخروج إلى المسجد الحرام والقعود فيه إلى أن مات، كما تراه في ترجمته من طبقات ابن سعد، وكان قيس قد خلف عطاء في مجلسه كما ذكره ابن سعد أيضا، وسمع عمرو من ابن عباس وجابر وابن عمر وغيرهم ولم يدركهم قيس.
فهل يظن بقيس أنه لم يلق عمرا وهو معه بمكة منذ ولد قيس إلى أن مات، أو لم يكونا يصليان معا في المسجد الحرام الجمعة والجماعة؟! أو لم يكونا يجتمعان في حلقة