مخضرم ثقة ... فلو صح الخبر عنه لزم تصحيحه عن أبي هريرة، ولو صح عن أبي هريرة لصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولو صح مع ذلك أن كعبًا أخبر بما يشبهه لكان محمله الطبيعي أن كعبًا سمع الحديث من أبي هريرة أو غيره من الصحابة فاقتبس منه خبره، لكن الخبر لم يصح عن أبي رافع، فلم يصح عن أبي هريرة، فلم يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا ندري ممن سمعه قتادة، والله أعلم.
• وفيه (٦٤ - ٦٥)
"روى ابن شهاب عن قبيصة أن الجدة جاءت أبا بكر تلتمس أن تورث فقال: ما أجد لك في كتاب الله شيئًا، وما علمت أن رسول الله ذكر لك شيئًا، ثم سأل الناس، فقام المغيرة فقال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعطيها السدس. فقال له: هل معك أحد؟ فشهد محمد بن مسلمة بمثل ذلك، فأنفذه لها أبو بكر".
فقال الشيخ المعلمي:
"هذه واقعة حال واحدة، ليس فيها ما يدل على أنه لو لم يكن مع المغيرة غيره لم يقبله أبو بكر. والعالم يحب تظاهر الحجج كما بينه الشافعي في الرسالة (ص ٤٣٢). ومما حسَّن ذلك هنا أن قول المغيرة: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعطيها السدس" [كما نقله أبو رية] يعطي أن ذلك تكرر من قضاء النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وقد يستبعد أبو بكر تكرر ذلك ولم يعلمه هو مع أنه كان ألزم للنبي -صلى الله عليه وسلم- من المغيرة. وأيضًا الدعوى قائمة، وخبر المغيرة يشبه الشهادة للمدعية، ومع ذلك فهذا خبر تفرد به الزهري، عن عثمان بن إسحاق بن خرشة، عن قبيصة، واحد عن واحد عن واحد. فلو كان في القصة ما يدل على أن الواحد لا يكفي لعاد ذلك بالنقض على الخبر نفسه. فكيف وهو منقطع، لأن قبيصة لم يدرك أبا بكر، وعثمان بن إسحاق وإن وثق لا يعرف في الرواية إلا برواية الزهري وحده عنه هذا الخبر وحده". اهـ.