فَكَرَّ عليه الشيخُ المعلمي في ترجمه ابن الصلت من "التنكيل"(١/ ١٨٣) بقوله: "الجواب من وجوه:
الأول: وقوع الاختلاف في ذلك في الجملة إنما هو بمنْزلة وقوعه في أدلة الأحكام لا يبيح إلغاء الجميع جملة بل يؤخذ بما لا يخالف له وينظر في المتخالفين فيؤخذ بأرجحها، فإن لم يظهر الرجحان أخذ بما اتفقا عليه، مثال ذلك ما قيل في وفاة سعد ابن أبي وقاص سنة ٥١، ٥٤، ٥٥، ٥٦، ٥٧، ٥٨، فإن لم يترجح أحدها أخذ بما دل عليه مجموعها أنه لم يعش بعد سنة ٥٨. فإن جاءت رواية عن رجل أنه لقي سعد بمكة سنة ٦٥ مثلًا استنكرها أهل العلم، ثم ينظرون في السند فإذا وجدوا فيه من لم تثبت ثقة حملوا عليه. فابن جزء قيل في وفاته سنة ٨٥، ٨٦، ٨٧، ٨٨، وأرجحها الثاني لأنه قول ابن يونس مؤرخ مصر وهي مع ذلك مجتمعة على أنه لم يعش بعد سنة ٨٨، فلما جاءت تلك الرواية أنه لقى بمكة سنة ٩٦ أو ٩٨ استنكرها أهل العلم ووجدوا أحق من يحمل عليه ابن الصلت فأما قول الغرنوى المتأخر أن ابن جزء توفي سنة ٩٩ فهو من نمط ما في (المناقب) للموفق ج ١ ص ٢٦ روى من طريق الجعابي القصة وفيها أن اللقاء كان سنة ٩٦ ثم حكى عن الجعابي أن ابن جزء مات سنة ٩٧ فهذان القولان مع تأخر قائليهما إنما حاولا بهما تمشية القصة، رأيا أن فيها أن اللقاء كان بالموسم وأن المعروف في وفاة ابن جزء أنها بمصر بقرية يقال لها سفط القدور كما جاء عن الطحاوي وأن من شهد الموسم لا يمكن أن يصل إلى مصر إلا في السنة التالية فبنيا على ذلك ولم تمكنهما الزيادة على ذلك لئلا تفحش المخالفة لما نقل عن المؤرخين جدًّا.
الوجه الثاني: ابن جزء أقرب إلى عصر تدوين الوفيات من أبي بن كعب ففي (فهرست ابن النديم) ص ٢٨١ أن لليث بن سعد تاريخًا، وتواريخ المحدثين مدارها على بيان الوفيات والليث ولد سنة ٩٤ ومات سنة ١٧٥ ومن أشهر شيوخه يزيد بن