الوجه السادس: متأخرو الوفاة من صاحبٍ قد يقع الاختلاف في تاريخ وفاته لكنه لا يكاد يكون التفاوت شديدًا فعبد الله بن أبي أوفى سنة ٨٦، ٨٧، ٨٨، وسهل ابن سعد الساعدي سنة ٨٨، ٩١، وأنس سنة ٩١، ٩٣، ٩٥، وأشد ما رأيته من التفاوت ما قيل في وفاة السائب بن يزيد وذلك نادر مع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم توفي وللسائب نحو سبع سنين وعامة روايته عن الصحابة، وقد يرسل، أما ابن جزء فروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- سماعًا ولم يذكروا له رواية عن غيره فالحرص على السماع من ابن جزء محقق بخلاف السائب.
ثم قال الأستاذ:"على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم توفي عمن يزيد على مائة ألف من الصحابة ولم تحتو الكتب المؤلفة في الصحابة عشر معشار ذلك ولا مانع من اتفاق كثير منهم في الاسم واسم الأب والنسب لا سيما المقلين في الرواية".
أقول: حاصل هذا أنه يحتمل أن يكون هناك صحابي آخر وافق عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي في الاسم واسم الأب والنسب فيكون هو الذي جاء في تلك القصة أن أبا حنيفة لقيه بمكة سنة ٩٧ أو ٩٨، ولا يخفى أن مثل هذا الاحتمال لا يكفي لدفع الحكم مع أنه قد علم مما تقدم في الوجه الرابع وغيره ما يدفع هذا الاحتمال، فإن كان الأستاذ يشير بقوله:"في الاسم واسم الأب والنسب" ولم يذكر اسم الجد - إلى عبد الله بن الحارث الزبيدي النجراني المكتب فذاك تابعي معروف.
ثم ذكر الأستاذ أن ابن عبد البر "نص على أبا حنيفة رأى أنس بن مالك وعبد الله ابن جزء الزبيدي رواية عن ابن سعد".
أقول: يحكي الذهبي عن ابن سعد أنه روى عن سيف بن جابر عن أبي حنيفة أنه رأى أنسًا، ولم أر في (الطبقات) المطبوع لا ذا ولا ذاك فلا أدري أفي كتاب آخر لابن سعد؟ أم حكاية مفردة رويت بسند، فإن كان الثاني فلا أدري ما حال ذاك السند وكيف وقعت لابن عبد البر زيادة (وعبد الله بن جزء الزبيدي) مع أني لم أعرف