حفصًا ليس عنده عن رجاء، وأنه يصغر عن السماع منه، فأبردوا بريدًا إلى (أردبيل) وكان ابن حفص بن عمر حيًا هناك وكتبوا إليه يستخبرونه عن هذا الكتاب، فعاد جوابه بأن أباه لم يرو عن رجاء بن مرجي ولا رآه قط، مولده كان بعد موته بسنين" قال ابن برهان: "فتتبع ابن بطة النسخ التي كتبت عنه وغيَّر الرواية وجعلها عن ابن الراجيان عن (فتح بن) شحرف (١) عن رجاء.
أجاب ابن الجوزي بأن أبا ذر أشعري وأن ابن برهان مبتدع على ما تقدم في ترجمتيهما.
ولا يخفي سقوط هذا الجواب؛ فإن أبا ذر ثقة كما، وابن برهان يدل سياقه للحكاية على أنه صادق فيها، ورواية ابن بطة عن الأردبيلي عن رجاء ثابتة كما تقدم أن الخطيب روى عن الحسن بن شهاب عن ابن بطة بهذا السند، والحسن بن شهاب حنبلي ثقة. ورجاء توفي ببغداد وكان قد أقام بها آخر عمره مدة، والأردبيلي توفي سنة ٣٣٩ وبين وفاتيهما تسعون سنة، يضاف إليها مدة إقامة رجاء ببغداد آخر عمره؛ لأن الأردبيلي إنما سمع منه -إن كان سمع- بسمرقند، على ما رواه الخطيب عن الحسن بن شهاب، وأضف إلى ذلك مقدار سن الأردبيلي الذي مكَّنه أن يرحل من بلده إلى سمرقند حيث سمع رجاء، وهذان المقداران يمكن حَزْرُهما بعشرين أو ثلاثين سنة تضاف إلى التسعين التي بين الوفاتين، وعلى هذا يكون الأردبيلي بلغ من العمر مائة وبضع عشرة سنة على الأقل، فيكون مولده قريبًا من سنة ٢٢٠ على الأقل، وهذا باطل حتمًا؛ وبيانه أن عادة الذهبي في (تذكرة الحفاظ) أن يذكر من مشايخ الرجل أقدمهم، وإنما قال في ترجمة الأردبيلي:"سمع أبا حاتم الرازي ويحيى ابن أبي طالب وعبد الملك بن محمد الرقاشي وإبراهيم بن ديزيل" وهؤلاء كلهم
(١) كذا الأصل بالحاء المهملة، وفي (التاريخ) (١٠/ ٣٧٣) بالمعجمة.