يعني هذا وحديث: أعروا النساء ... سببًا في طرح الرجل مع باقي روايته؟ وقد يقال: هذا من الباب الذي يقال فيه: حديثٌ اسْقَطَ ألفَ حديثٍ، فرواية مثل هذا يدل على غفلة، ولكن إذا علمنا أن الثقة!! قد يَدخل له إسنادٌ في إسناد، ويخطىء في الرواية فيجعل ما يُستنكر من أحاديث الضعفاء من رواية الثقات، لكان لزامًا تقويمُ ما يرويه على أساسِ الحكم للغالب والأكثر ... "
ثم راح يذكر أمثلةً على هذا، وهو كلام متين، فليس من شرط الثقة ألا يخطىء، لكن هاهنا ملاحظات:
الأولى: أن هذا فيمن ثبت توثيقه أو تَرَجَّحَ، وبكر لم يوثقه أحدٌ باعتراف المحقق نفسه (ص ٦٢٤)، فقد نفى ما ادَّعاه الحافظ ابن حجر في "القول المسدد" - أن بكرًا قَوَّاهُ جماعة، فقال: فليس في ترجمة بكر لَدَى كل من ترجم له مما توصلت إليه ما يَنُمُّ عن هذا أو يدل عليه ... إلا إن كان -أي: ابن حجر- يعني أصحاب "طبقات القراء" - أو المفسرين، وهؤلاء يغلب على ظن العوني أنهم يعنون القراءة والتفسير، وهذا مجالٌ، ورواية الأحاديث مجالٌ آخر". اهـ.
أقول: إذًا، ما ساقه المحقق من الأمثلة على احتمال الأئمة لبعض أخطاء الثقات، لا علاقة له ببكر؛ لأنه لا يدخل في زمرة الموثَّقيِن.
الثانية: أن الأخطاء فيها ما هو محتمل، ومنها ما يدل على وهن الراوي، كما أشار إليه المحقق بقوله: وقد يقال: هذا من الباب الذي يقال فيه ...
ثم إن هذا الأمر مخصوصٌ بنظر النقاد، والنسائي: من المقدَّمين في هذا الشأن، فتضعيفه له لأحاديث تفرد بها يدل على أنها -مع عدم توثيقه- غير محتملة.
الثالثة: لا يكفي في الحكم على الرجل النظرُ في بعض أحاديثَ له، قد وافق فيها الثقات، والحكم عليها بالاستقامة، مع عدم الاعتداد بتليين من ليَّنَهُ من أهل العلم؛