للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر المعلمي في ترجمته من "التنكيل" رقم (٢٣) عن ابن السمعاني ما يدل على أن هذا الرجل كان له شهرة وصيت في "فريانان"، قال: وقد روى عنه الحسن بن سفيان وغيره كما في "الميزان"، قال الذهبي: "وقد رأيت البخاري يروي عنه في كتاب "الضعفاء".

ثم شرع المعلمي يقرر أن البخاري رحمه الله تعالى لا يروي إلا عمن كان صدوقًا عنده في الأصل، يمكنه تمييز صحيح حديثه من سقيمه، وذلك استدلالًا بما حكاه الترمذي في "جامعه" (١)، باب الإمام ينهض بالركعتين، قال: قال محمد بن إسماعيل [البخاري]: "ابن أبي ليلى هو صدوق، ولا أروي عنه (٢)، لأنه لا يُدْرى صحيح حديثه من سقيمه، وكُلُّ من كان مثل هذا فلا أروي عنه شيئًا".

وقد نقلت ما قرره المعلمي هنا -وفي غيره- مفصلًا فيما يتعلق بمنهج البخاري في الرواية عن شيوخه، فانظره هناك في القسم الخاص بمناهج أئمة النقد والمصنفين.

ثم قال المعلمي: والمقصود هنا أن رواية البخاري عن الفرياناني تدل أنه كان عنده صدوقًا في الأصل، وقد لقيه البخاري فهو أعرف به ممن بعده، وقد تأيد ذلك بأن الرجل كان مشهورًا في تلك الجهة بالخير والصلاح كما مرّ، وأن أحمد بن سيار على جلالته لما سئل عنه قال: "لا سبيل إليه" كأنه يريد أنه لا ينبغي الكلام فيه بمدح لضعفه في الرواية، ولا قدح لصلاحه في نفسه، على أن أكثر الذين تكلموا فيه لم يرموه بتعمد الكذب، فأما أبو نعيم فمتأخر، وقد تتبعنا كلام من تقدمه فلم نجد فيه ما تحصل به النسبة إلى الوضع، فكيف الشهرة. اهـ.


(١) (٢/ ١٩٩) رقم (٣٦٤).
(٢) يعني بواسطة، لأن البخاري لم يدرك ابن أبي ليلى - كما نبه عليه المعلمي رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>