ولا يقدح في كلام من قال في إسناده وضاع، ولا يستلزم صدق ما كان كذبًا وصحة ما كان باطلا، فإن كان ابن حجر يُسَلِّمُ أن أبا عقال يروي الموضوعات، فالحق ما قاله ابن الجوزي، وإن كان ينكر ذلك، فكان الأولى به التصريح بالإنكار والقدح في دعوى ابن الجوزي ...
فقال الشيخ المعلمي:
"ابن حجر لا ينكر ما قيل في أبي عقال، ولكنه يقول إن ذلك لا يستلزمُ أن يكونَ كُلُّ ما رواه موضوعًا، وإذا كان الكذوبُ قد يصدق، فما بالك بمن لم يصرح بأنه كان يتعمد الكذب؟
فيرى ابنُ حجر أن الحكمَ بالوضع يحتاجُ إلى أمرٍ آخر ينضم إلى حالِ الراوي، كأن يكون مما يُحيله الشرع أو العقل، وهذا لا يكفي في رَدِّه ما ذكره الشوكاني.
وقد يقال: انضم إلى حال أبي عقال أن المتن منكر، ليس معناه من جنس المعاني التي عُنِيَ النبي -صلى الله عليه وسلم- ببيانها، أضف إلى ذلك قيامُ التهمة هنا، فإن أبا عقال كان يسكن عسقلان، وكانت ثغرا عظيما، لا يبعد من المغفل أن يختلق ما يُرغب الناسَ في الرباط فيه، أو يضعه جاهل ويدخله على مغفل، والحكم بالوضع قد يكفي فيه غلبة الظن كما لا يخفى". اهـ.
• وفيه (ص ٤٨١):
حديث:"ما من معمر يعمر في الإسلام أربعين سنة إلا صرف الله عنه أنواعًا من البلاء: الجنون، والجذام، والبرص. فإذا بلغ خمسين ... "
أورده ابنُ الجوزي في "الموضوعات"، لكون أحمد رواه بإسنادٍ فيه يوسف بن أبي ذرة. قال ابن الجوزي: يروي المناكير، ليس بشيء.
ورواه أحمد أيضًا بإسناد آخر فيه: الفرج عن محمد بن عامر. قال: ضعيف، منكر الحديث، يلزق المتون الواهية بالأسانيد الصحيحة، ومحمد بن عامر يقلب الأخبار، ويروي عن الثقات ما ليس من حديثهم، وشيخه العرزمي ترك الناس حديثه.