وخالد بن هياج يروي عن أبيه مناكير كثيرة، روى عنه الحسين بن إدريس عدة منها، فتلك الأحاديث التي أنكرها ابن أبي حاتم يجوز أن يكون البلاء فيها من هياج، ويبرأ منها خالد والحسين، ويجوز أن تكون من خالد، ويبرأ منها هياج والحسين، ويجوز أن تكون من الحسين، ويبرأ منها هياج وخالد.
فأما ابن أبي حاتم فكان عنده عن أبيه أن هياجًا:"يكتب حديثه ولا يحتج به" وهذه الكلمة يقولها أبو حاتم فيمن هو عنده صدوق ليس بحافظ، يحدث بما لا يتقن حفظه فيغلط ويضطرب، كما صرح بذلك في ترجمة إبراهيم بن المهاجر.
فرأى ابن أبي حاتم أن تلك المناكير التي رآها فيما كتب به إليه الحسين لا يحتملها هياج، ولم يكن يعرف خالدًا ولا الحسين، فجعل الأمر دائرًا بينهما.
ومقتضى كلام الإمام أحمد ويحيى بن معين وأبي داود في هياج أن تبرأته منها ليست في محلها.
والطريق العِلْمي في هذا: اعتبار ما رواه غير خالد من الثقات عن هياج، وما رواه خالد عن الثقات غير هياج، وما رواه الحسين عن الثقات غير خالد، وبذلك يتبين الحال.
فإذا وجدنا غير خالد من الثقات قد رووا عن هياج مناكير يتجه الحمل فيها عليه، ووجدنا خالدا قد روى عن غير هياج من الثقات أحاديث عديدة كلها مستقيمة، ووجدنا الحسين قد روى عن الثقات غير خالد أحاديث كثيرة كلها مستقيمة، سقط هياج، وبرىء خالد والحسين.
وهذا هو الذي تبين لابن حبان، فذكر هياجًا في (الضعفاء) وقال: "كان مرجئًا يروي الموضوعات عن الثقات"، وذكر خالدًا في (الثقات)، وكذلك ذكر الحسين، وقال:"كان ركنًا من أركان السنة في بلده"، وأخرج له في "صحيحه" ... ". اهـ.